في هذا الدين؟ فقال مصعب وسعد له : تغتسل فتطهر وتغسل ثوبيك ثم تشهد شهادة الحق ثم تصلي.
فقام اسيد بن حضير الّذي حضر لقتل مصعب وسعد من عندهما مبتهجاً مسروراً فاغتسل وطهر ثوبيه وتشهّد شهادة الحق ثم قام فركع ركعتين.
ثم قال لهما : ان ورائي رجلا إن اَتبعَكما لم يتخلف عنه أحد من قومه وساُرسله إليكما الآن ، ثم أخذ حربته وانصرف إلى سعد بن معاذ الّذي كان ينتظر عودته على احر من الجمر فلما نظرإليه سعد وقومه وهم جالسون في ناديهم قال : أحلفُ باللّه لقد جاءكم اسيد بن حضير بغير الوجه الّذي ذهب من عندكم فلما وقف على النادي قال له سعد ما فعلت؟
قال : كلّمت الرجلين ، فواللّهِ ما رأيت بهما بأساً ، وقد نهيتُهما ، فقالا : نفعل ما احببتَ ، فغضب سعدٌ لذلك غضباً شديداً ، وأخذ الحربة من اسيد ، ثم خرج إلى مصعب واسعد ليقتلهما ، فلما رآهما سعد مطمئنين وقف عليهما متشتماً مهدداً اياهما ، ولكن مصعباً وزميله قابلا به بمثل ما قابلايه سابقه اسيد ، وجرى له ما جرى له ، فقد فعلت كلمات مصعب في نفسه فعلتها ، وخضع لمنطقه القوي ، وبيانه الساحِر ، وندم على ما قصد فعله ، وقال لمصعب نفس ما قاله اسيد واعتنق الإسلام واغتسل وتطهر وصلى ثم رجع إلى قومه وقال لهم : يا بني عبد الاشهل كيف تعلمون أمري فيكم؟ قالوا : سيدنا وافضلنا راياً وايمننا نقيبةً.
قال : فان كلام رجالكم ونسائكم عليّ حرامٌ حتّى تؤمنوا باللّه وبرسوله فالحمد للّه الّذي اكرمنا بذلك.
فلم يُمسِ في دار بني عبد الاشهل رجلٌ ولا إمرأة إلاّ مسلماً أو مسلمة ، وهكذا أسلم كلُّ قبيلة بني الأشهل قبل أن يروا النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وأصبحوا من الدعاة إلى الإسلام والمدافعين عن عقيدة التوحيد ، لا بمنطق القوة انما بقوة المنطق (١).
__________________
١ ـ إعلام الورى : ص ٥٩ ، بحار الانوار : ج ١٩ ، ص ١٠ و ١١ ، السيرة النبوية : ج ١ ، ص ٤٣٦ و ٤٣٧.