ولم يكن قدمضى على بداية هجرة المسلمين التدريجية هذه زمان طويل الا وفطن زعماء قريش لسرها ، وخطرها عليهم فاخذوا يمنعون من اي تنقل وسفر يقوم به المسلمون ، وقرروا ان يعيدوا إلى مكة كلَ من وجدوه في اثناء الطريق ، كما قرروا ان يحبسوا زوجة كل مسلم يريد الهجرة وله زوجة قرشية ويمنعوها عنه ، ولكنهم كانوا يتجنبون اراقة الدماء في هذا السبيل ، بل وكان يقتصر إذاهم على الحبس والتعذيب ولا يتعداهما.
ولكن هذه المحاولات الّتي قام بها زعماء قريش لوقف الهجرة إلى المدينة لم تثمر لحسن الحظ.
فقد استطاعت مجاميع كبيرة من المسلمين النجاة بنفسها من أيدي قريش واللحاق بزملائهم واخوانهم في يثرب حتّى انه لم يبق في مكة من المسلمين إلاّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم وعلي عليهالسلام وعدد قليل من المسجونين ، أو المرضى من المسلمين.
وقد زاد اجتماع المسلمين في يثرب من مخاوف قريش ، وضاعف من قلقها ، ولهذا اجتمع كلُ رؤساء القبائل المكية في « دارالندوة » اكثر من مرة للتشاور في كيفية القضاء على الإسلام وطُرحت في ذلك المجلس خطط متنوعة ، واقترحت اُمور كثيرة لتحقيق هذه الغاية ولكنها فشلت برمتها بتدبير رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم وحكمته ، وسياسته الدقيقة.
وأخيرا هاجر رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم من « مكة » إلى « المدينة » في شهر ربيع الأول سنة ١٤ من البعثة.
اجل لقد تضاعف قلق قريش منذ أن حصل محمّد على قاعدة ثانية خارجة عن نطاق هيمنة المكيين وسيطرتهم واصبحوا حيرى لا يدرون ماذا يفعلون ، لان جميع خططهم للمنع من انتشار الإسلام واتساع رقعته ، قد باءت بالفشل.
لقد أمر رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أصحابه بالهجرة إلى المدينة والالتحاق