فيه على النحو الّذي سيأتي تفصيله.
وأما كيف استطاع رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ان يخترق الحصار البشريَ المشدَّد الّذي ضُرِبَ على بيته ، ويتجاوز رصدَ قريش من غير ان يشعروا به فذلك غير معلوم جيداً.
إلاّ أنه يستفاد من رواية نقلها المفسرُ الشيعيُ المعروفُ المرحومُ عليُ بن ابراهيم في تفسيره : قول اللّه تعالى : « وَإذْ يَمْكُرُ بِك الذين كَفَرُوا » ان رجال قريش كانوا نياماً ينتظرون الفجر عند خروج رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولم يكونوا يتصوّرون أن رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قد عرف بتدبيرهم ومؤامرتهم.
ولكن يصرّح غيره من المؤرّخين وكُتّاب السيرة (١) بان المحاصرين لمنزل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كانوا يقظين حتّى لحظة الهجوم على بيت رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم وان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم خرج من البيت عن طريق الاعجاز والكرامة من دون ان يروه ويحسوا به.
إن امكان وقوع مثل هذه الكرامة ليس موضع شك ، ولكن هل كان هناك ما يوجب ذلك؟؟
ان دراسة قصة الهجرة بصورة كاملة تجعل هذه المسألة أمراً قطعياً وهي أنَّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كان عارفاً بمؤامرة القوم قبل محاصرة بيته ، وكان قد دبّر ورسم لنجاته خطةً طبيعيةً عاديةً ، ولم يكن في الأمر اي اعجاز.
لقد كان يريد صلىاللهعليهوآلهوسلم باضجاع علي عليهالسلام في فراشه أن ينجو بنفسه من أيدي المشركين من الطرق العادية والقنوات الطبيعية من غير الاستعانة بالاعجاز والكرامة.
وعلى هذا كان في مقدور النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ان يتحسب لمسألة المحاصرة والطوق الّذي كان سيُضرَب على بيته من أوائل الليل ، وذلك بمغادرة
__________________
١ ـ الطبقات الكبرى : ج ١ ، ص ٢٢٨ ، تاريخ الطبري : ج ٢ ، ص ١٠٠.