ولهذا قال رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم لعليّ عليهالسلام :
« يا عليّ إنَّ قريشاً اجتمعت عَلى المكر بي وقتلي ، وإنّه اُوحيَ إليّ عن ربّي أن اهجرَ دار قومي ، فنُم عَلى فراشي والتحف ببردي الحضرميّ لِتُخفي بمبيتك عَليهم أثَري فما أنت قائل وصانع؟؟
فقال علي عليهالسلام أوْ تَسلَمَنَّ بِمَبيتي هناك يا نبيَّ اللّه؟
قال : نعم ، فتبسّم عليّ عليهالسلام ضاحكاً مسروراً وأهوى إلى الأرض ساجداً ، شكراً لما أنبأه رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم من سلامته ، فلما رفع رأسه قال للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم :
إِمض لما اُمرتَ فِداك سمعي وبصري وسويداء قلبي ، ومُرني بما شئتَ اكن فيه كمسرّتك ، واقع فيه بحيث مرادك ، وإن توفيقي إلاّ باللّه.
ثم رقدَ عليّ عليهالسلام على فراش رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم واشتمل ببرده الحضرمي الاخضر ، ولما مضى شطرٌ من الليل حاصرَ رَصَدُ قريش ـ وهم اربعون رجلا ـ بيت رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد جرّدوا سيوفَهم ، ينتظرون لحظة الهجوم على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ويتطلّعون إلى داخل البيت من فرجة الباب بين الحين والآخر ليتأكدوا من بقاء رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم في مضجعه ، فيظنون أنَّ النائمَ فى الفراش هو النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وهنا أراد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يخرج من بيته.
فمن جانب يحاصر الأعداءُ بيته صلىاللهعليهوآلهوسلم من كل جانب ، ويراقبون كلّ شيء ، ومن جانب آخر تعلّقت مشيئة اللّه تعالى وارادته القاهرة الغالبة أن ينجو رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم من ايدي تلك الزمرة المنحطة ، فقرأ رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم سورة ( يس ) لمناسبة مطلعها لظروفه حتّى بلغ إلى قوله تعالى : « فهم لا يبصرون » (١) وخرج من باب البيت دون ان يشعر به رصدُ قريش المكلّفون بقتله ، وذهب إلى المكان الّذي كان من المقرر ان يختبيء
__________________
١ ـ يس : ٩.