وكان البعض ممن رافق رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم يصرّ عليه أن يسارع في الدخول إلى المدينة ، ولكن رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان ينتظر ابن عمه علياً.
ويقول : فما أنا بداخلها حتّى يقدم ابن اُمّي وأخي ، وابنتي ( يعني عليّاً وفاطمة عليهماالسلام ) (١).
وأقام عليّ عليهالسلام بمكة ثلاث ليال بايامها ، حتّى أدّى عن رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم الودائع الّتي كانت عنده للناس فقد وقف عليهالسلام على مكان مرتفع في مكة ونادى قائلا :
« مَن كانَ لَه قِبَلَ محمّد أمانةٌ أو وديعةٌ فليأتِ فلنؤدّ إليه أمانتهُ ».
فكان يأتيه من له أمانةٌ أو وديعة عند رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ويذكر علامتها ويأخذها فلما فرغ عليهالسلام من اداء الامانات والودائع خرج بفاطمة بنت رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم وامه فاطمة بنت اسد ، وفاطمة بنت الزبير وآخرين ممن لم يكن قد هاجر مكة حتى تلك الساعة ، وتوجه بهم نحو المدينة ليلا سالكا بها طريقاً في « ذي طوى ».
كتب الشيخ الطوسي في اماليه في هذا الصدد يقول : إن جواسيس قريش غرفت بسفر علي مع تلك الجماعة ، فخرجوا لملاحقتهم ، لغرض اعادتهم إلى مكة ، فادركوهم في منطقة « ضجنان ».
ووقع بين رجال قريش وبين علي عليهالسلام تلاح وتناوش ، وأخذٌ وردٌّ ، ودنا الرجال من النسوة ، والمطايا ليثوروها فحال عليّ عليهالسلام بينهم ، وبينها ، ولم يجد عليهالسلام طريقاً إلاّ أن يدافع عن حرم الإسلام والمسلمين ، فشدّ عليهم بسيفه شدَّة الأسد الغضِب والليث الغيور وهو يقول مرتجزاً :
خَلُّوا سبيل الجاهد المجاهِد |
|
آليتُ لا أعبُدُ غَيرَ الواحِدِ |
__________________
١ ـ الفصول المهمة لابن صباغ المالكي : ص ٣٥ دون ان يذكر اسماً ، وامالي الشيخ الطوسي : ج ٢ ، ص ٨٣.