زالت الشمس ، وصلّى بي العصر حين كان كلّ شيء بقدر ظلّه .. فلمّا كان الغد صلّى بي الظهر حين كان كلّ شيء بقدر ظلّه ، وصلّى بي العصر حين كان ظلّ كلّ شيء مثليه .. ثمّ التفت إليّ فقال : يا محمّد هذا وقت الأنبياء من قبلك ، والوقت فيما بين هذين الوقتين» (١).
ويرد على الاستدلال بالنبويّ : أنّه ضعيف السند. وأمّا خبر زرارة : فيمكن الخدشة في دلالته : بأنّ المراد به تأخير الصلاتين عن المثل والمثلين في القيظ ، وقد سيقت الرواية تفسيرا للإبراد المأمور به في الصيف ، كما تقدّم (٢) آنفا نظيرها بأدنى اختلاف عن الكشي في كتاب الرجال ، فالرواية أجنبيّة عن المدّعى.
اللهمّ إلّا أن يقال : إنّه لم يقصد من الأمر بإيقاع الصلاة بعد المثل والمثلين إيقاعها عقيبهما بلا فاصل ، بل المقصود به بيان الرخصة في تأخيرها عن وقت الفضيلة ، أو رجحانه في الصيف لأجل الإبراد ، ففيه إشعار بأنّ وقت الفضيلة في غير الصيف إنّما هو ما قبل المثل والمثلين.
وأمّا الأخبار التي ورد فيها التحديد بالقامة والقامتين : فقد ناقش في الحدائق (٣) في دلالة ما عدا الأخيرة منها ـ أي رواية يزيد بن خليفة ـ : بأنّ المفهوم من الأخبار أنّ لفظ «القامة» الوارد في الروايات بمعنى الذراع ، والقامتين بمعنى
__________________
(١) نهاية الإحكام ١ : ٣٠٩ ـ ٣١٠ ، وراجع : سنن أبي داود ١ : ١٠٧ / ٣٩٣ ، والمستدرك ـ للحاكم ـ ١ : ١٩٣ ، ومسند أحمد ١ : ٣٣٣.
(٢) في ص ١٨٧.
(٣) راجع : الهامش (٢) من ص ٢٠٥.