على الإطلاق ، فالتزم بحرمة التقديم ؛ لكونه تطوّعا في وقت الفريضة إلّا أحيانا ؛ لهذه الأخبار التي وقع فيها التصريح بأنّه لا يجعل ذلك عادة ولا يتعمّد ذلك في كلّ ليلة (١).
وقد تكلّف بعض (٢) من وافق المشهور في حمل الروايات على بعض المحامل التي كادت الروايات تكون نصّا في خلافها ، كحمل الفجر على الفجر الأوّل ، أو حمل طلوع الفجر على ما يقرب منه ، أي ما قبله بقليل بحيث تقع أربع ركعات من نافلة الليل في وقتها ، أو نحو ذلك ممّا لا يخفى ما فيه.
فالإنصاف أنّ طرح هذه الأخبار مع صحّتها واستفاضتها واعتناء الشيخ والمحقّق وغيرهما بها من غير معارض معتدّ به مشكل ، وتأويلها على ما يوافق المشهور أشكل ، والأخبار الناهية عن التطوّع في وقت الفريضة أعمّ مطلقا من هذه الأخبار ، فعلى تقدير العمل بظاهر تلك الروايات والغضّ عمّا ستعرفه يجب تخصيصها بهذه الأخبار. وورودها في من قام بعد طلوع الفجر لا يوجب قصر الحكم عليه ، كما قد يتوهّم ؛ فإنّ الأحكام الشرعيّة لا تخصّص بمواردها.
هذا ، مع إطلاق السؤال في الصحيحة الأولى وعدم وقوعه في خصوص من قام بعد طلوع الفجر أو أخّرها لعذر. وفي نهي الإمام عليهالسلام عن أن يتعمّد ذلك في كلّ ليلة إشارة إلى عدم إرادته في خصوص من كان معذورا في التأخير ، كما أنّ ما في سائر الأخبار من النهي عن أن يجعل ذلك عادة تنبيه على ذلك.
وقد ظهر بذلك أيضا ضعف ما زعمه صاحب الحدائق من أنّ النهي عن أن
__________________
(١) الحدائق الناضرة ٦ : ٢٣٦.
(٢) صاحب الجواهر فيها ٧ : ٢١١.