الالتفات إليه بعد استفاضتها وكثرتها وصحّة أسانيد جملة منها واشتهار العمل بمضمونها بين الأصحاب ، بل لا مجال للتشكيك في تعلّق النهي بالتطوّع في وقت الفريضة ، فإنّه لا يبعد دعوى تواتر الأخبار الدالّة عليه معني ، وإنّما الإشكال في مقامين :
أحدهما : في أنّ المراد بالنهي هل هو الحرمة أو الكراهة؟
الثاني : في تعيين ما أريد بوقت الفريضة من أنّه هل هو مطلق وقتها الذي يجوز إيقاعها فيه ولو على سبيل المرجوحيّة ، أو وقتها الذي تكون المسارعة إليها فيه أفضل من تأخيرها ، أو آخر وقتها الذي يتضيّق عندها الفعل ، كما توهّمه بعض (١)؟
ولكنّك عرفت في بعض المباحث السابقة ضعف الاحتمال الأخير ، ومخالفته لصريح بعض الأخبار الدالّة عليه.
وكيف كان فالمقصود بالنهي عن التطوّع في وقت الفريضة إنّما هو النهي عنه ما دامت الذمّة مشغولة بالفريضة ، لا مطلقا ؛ ضرورة أنّه يجوز التطوّع في وقت الفريضة بعد أدائها نصّا وفتوى ، فالوقت في حدّ ذاته صالح للتطوّع ، ولكن اشتغال الذمّة بالفريضة أثّر في المنع عنه إمّا لمزاحمته لإيقاع الفريضة في أوّل وقتها الذي هو أفضل ، كما ربما يستشعر ذلك من بعض الأخبار التي وقع فيها الأمر بترك النافلة والبدأة بالفريضة عند حضور وقتها (٢) ، ويشهد له بعض الأخبار الآتية الدالّة على جوازه مع المرجوحيّة بالإضافة ، أو لكون تفريغ الذمّة عن الفريضة شرطا
__________________
(١) لا حظ : مستند الشيعة ٤ : ١٠٧.
(٢) راجع ص ٣١٨.