المنع للمنفرد الذي لا يصلّي جماعة ، فلا يبعد أن يكون المراد بهذه الصحيحة تحديد ذلك الوقت بالنظر إلى من ينتظر الجماعة ، لا مطلقا.
ويمكن إبقاء هذه الصحيحة على ظاهرها ، وتنزيل الأخبار الدالّة على المنع في حقّ المنفرد على الإرشاد إلى ما هو الأصلح ، كما ربما يستشعر ذلك من بعض عبائرها ، لا على الكراهة أو الحرمة ، فليتأمّل.
وكيف كان فهي نصّ في جواز التطوّع بعد دخول وقت الفريضة في الجملة ولو لخصوص من ينتظر الجماعة.
ونحوها رواية إسحاق بن عمّار ، قال : قلت : أصلّي في وقت فريضة نافلة؟قال : «نعم في أوّل الوقت إذا كنت مع إمام تقتدي به ، فإذا كنت وحدك فابدأ بالمكتوبة» (١).
والمراد بأوّل وقت الفريضة في هذه الرواية وكذا في الروايات السابقة إنّما هو بعد الذراع والذراعين كما حددّ أوّل وقتها بذلك في الأخبار الكثيرة المتقدّمة في أوّل مبحث المواقيت (٢) ، فإنّ هذا هو الوقت الذي يكون مأمورا بأن يبدأ عند حضوره بالمكتوبة لو صلّي وحده ، دون ما قبل الذراع والذراعين ، الذي يكون الراجح فيه الابتداء بالنافلة نصّا وفتوى ، فهذه الرواية أيضا كسابقتها تدلّ على جواز التطوّع في وقت الفريضة عند انتظار الجماعة.
وكون المتبادر من أغلب هذه الروايات إرادة النوافل المرتّبة غير قادح في الاستدلال بعد حكومة هذه الأخبار على الأخبار الناهية عن التطوّع ، التي هي
__________________
(١) الكافي ٣ : ٢٨٩ / ٤ ، التهذيب ٢ : ٢٦٤ / ١٠٥٢ ، الوسائل ، الباب ٣٥ من أبواب المواقيت ، ح ٢.
(٢) راجع : ص ٨٦ وما بعدها.