وقد عرفت آنفا أنّ ما ذكره من التعميم بالنسبة إلى خبر الثقة وأذانه وجيه ، وأمّا التعدّي عن مورد الأخبار الواردة في صياح الديك : فهو في غير محلّه.
وما ذكره من أنّ العبرة بعموم الجواب ، ففيه : أنّ ظاهره وإن كان ثبوت الملازمة بين الصياح ودخول الوقت فلا يتفاوت الحال حينئذ بين يوم الغيم وعدمه ، لكن من الواضح أنّ الملازمة جارية مجرى العادة بلحاظ الغالب إمّا على سبيل التحقيق أو التقريب ، فقوله عليهالسلام : «إذا ارتفعت أصواتها وتجاوبت فقد زالت الشمس» يعني تقريبا أو بمقتضى عادتها بحسب الغالب ، فهي أمارة ظنّيّة لا يستفاد من الأخبار اعتبارها إلّا في مورد السؤال ، ولا يجوز التخطّي عنه إلّا على تقدير القطع بعدم مدخليّة الخصوصيّة ، وقد تقدّم نظير ذلك في أوصاف الحيض ، التي بيّنّا أنّها أوصاف غالبيّة يجب الاقتصار في الرجوع إليها على مورد النصّ ، فراجع (١).
وقد ظهر بما ذكر (٢) أنّ إلحاق سائر الأعذار الغير المطّردة بالنسبة إلى غالب الأشخاص ـ كالعمى والحبس ونحوهما ـ بالغيم ـ كما صرّح به بعض (٣) ، بل ربّما يوهمه إطلاق المتن وغيره ـ لا يخلو عن إشكال بل منع ، فإنّ المتّجه فيها وجوب الاستخبار ممّن يوثق بقوله بناء على كفاية خبر الثقة ، أو من العدل أو العدلين ، أو الرجوع إلى الأخبار المحفوفة بالقرائن الموجبة للجزم واطمئنان النفس ، ولدى التعذّر التأخير حتى يقطع بدخول الوقت.
__________________
(١) ج ٤ ، ص ٧ ـ ٩.
(٢) في «ض ١٦» : «ذكرنا».
(٣) الشهيد الثاني في مسالك الافهام ١ : ١٤٧.