قادح في السند ؛ لأنّ اعتماد المشايخ المتقدّمين على النقل عنهم وأخذ الأخبار منهم والتلمّذ عليهم يزيد على قولهم في كتب الرجال : فلانّ ثقة (١).
وكيف كان فالرواية بحسب الظاهر من الروايات المعتبرة التي لا يجوز ردّها من غير معارض مكافئ ؛ إذ ليس المدار عندنا في جواز العمل بالرواية على اتّصافها بالصحّة المصطلحة ، وإلّا فلا يكاد يوجد خبر يمكننا إثبات عدالة رواتها على سبيل التحقيق لو لا البناء على المسامحة في طريقها والعمل بظنون غير ثابتة الحجّيّة ، بل المدار على وثاقة الراوي ، أو الوثوق بصدور الرواية وإن كان بواسطة القرائن الخارجيّة التي عمدتها كونها مدوّنة في الكتب الأربعة ، أو مأخوذة من الاصول المعتبرة مع اعتناء الأصحاب بها وعدم إعراضهم عنها.
ولا شبهة في أنّ قول بعض المزكّين بأنّ فلانا ثقة ، أو غير ذلك من الألفاظ التي اكتفوا بها في تعديل الرواة لا يؤثّر في الوثوق أزيد ممّا يحصل من إخبارهم بكونه من مشايخ الإجازة.
ولأجل ما تقدّمت الإشارة إليه جرت سيرتي على ترك الفحص عن حال الرجال ، والاكتفاء في توصيف الرواية بالصحّة كونها موصوفة بها في ألسنة مشايخنا المتقدّمين الذين تفحّصوا عن حالهم.
والحاصل : أنّ الرواية بحسب الظاهر لا تقصر من حيث الاعتبار عن بعض الروايات المتّصفة بالصحّة ، لكن إعراض أكثر الأصحاب عنها مع وضوح دلالتها وحكومتها على سائر الأخبار أوهنها ، إلّا أنّ عمل الشيخ بها وتقوية الشهيد إيّاها و
__________________
(١) البحراني في الحدائق الناضرة ٦ : ٤٧ ـ ٤٨.