التشهّد بأن يقول بعد رفع الرأس من السجدة : السلام عليكم ، بلا تشهّد ، ففيه ما لا يخفى من مخالفته لما هو المعهود من كون التسليم في الصلاة عقيب التشهّد. وإن أراد الإتيان بها بعد التشهّد ، فما هو الدليل على اعتبار التشهّد قبل التسليم هو الدليل على اعتباره عقيب الركعة الثانية.
توضيحه : أنّه مهما أمر الشارع بعبادة خاصّة من صلاة أو صوم أو غسل أو نحو ذلك لا يتعرّض في مقام بيان كيفيّة تلك العبادة إلّا لخصوصيّاتها المختصّة بها ، وأمّا سائر أجزائها وكيفيّاتها المشاركة مع سائر أفراد تلك العبادة فمعرفتها موكولة إلى معهوديّتها في الشريعة ، فكما أنّا لا نحتاج في إثبات سجدتين في كلّ ركعة من هذه العشر ركعات إلى دليل سوى معهوديّته في الشريعة ، كذلك في التشهّد عقيب كلّ ركعتين.
فنقول : لا ريب أنّ التشهّد كالسجود والركوع والقنوت والتكبيرات من أجزاء طبيعة الصلاة من حيث هي ، وموضعه ـ على ما هو المعهود في الشريعة ـ بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة في الركعة الثانية وفي الركعة الأخيرة من كلّ صلاة ، فيتّحد موضعه في كلّ صلاة ثنائيّة ، ويتعدّد فيما زاد عليها ، كالظهرين والعشاءين ، فالقول باعتباره عقيب كلّ ركعتين من هذه الصلاة أيضا ـ كغيره من الامور المعتبرة في سائر الصلوات ـ لا يخلو عن وجه ، والله العالم.
ثمّ إنّ الرواية وإن كانت ضعيفة السند لكن أفتى المشهور بمضمونها على ما قيل (١) ، بل عن مفتاح الكرامة : قد استثناها جمهور الأصحاب (٢). وفي الجواهر :
__________________
(١) كما في جواهر الكلام ٧ : ٦٩ ، وانظر : ذخيرة المعاد : ٣٥٠.
(٢) مفتاح الكرامة ٢ : ١٢ ، وحكاه عنه صاحب الجواهر فيها ٧ : ٦٩.