البغوي في المصابيح (١) (١ / ٣٦) وعدّه من الصحاح ، غير أنّه حذف صدر الحديث وذكر مجيء عمّار إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فحسب.
وذكره الذهبي في تذكرته (٢) (٣ / ١٥٢) محرّفاً وأردفه بقوله : قال بعضهم : كيف ساغ لعمّار أن يقول مثل هذا فيحلّ له كتمان العلم؟ والجواب : إنّ هذا ليس من كتمان العلم فإنّه حدّث به واتّصل ـ ولله الحمد ـ بنا ، وحدّث في مجلس أمير المؤمنين ، وإنّما لاطف عمر بهذا لعلمه بأنّه كان ينهى عن الإكثار من الحديث خوف الخطأ ، ولئلاّ يتشاغل الناس به عن القرآن.
قال الأميني : هناك شيء هام أمثال هذه الكلمات المزخرفة والأبحاث الفارغة المعدّة لتعمية البسطاء من القرّاء عمّا في التاريخ الصحيح ، ليت شعري ما أغفلهم عن قول عمر : لا تصلّ ـ أو : ـ أمّا أنا فلم أكن لأُصلّي؟ يقوله وهو أمير المؤمنين والمسألة سهلة جدّا عامّة البلوى شائعة. وما أغفلهم عن قوله لعمّار : اتّق الله يا عمّار وعن تركه الصلاة يوم أجنب في السريّة بعد ما جاء الإسلام بالطهورين! وعن جهله بآية التيمّم وحكم القرآن الكريم وعن غضّه البصر عن تعليم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عمّاراً بكيفيّة التيمّم! ما أذهلهم عن هذه الطامّات الكبرى وأشغلهم بعمّار وكلمته! نعم ، الحبُّ يُعمي ويُصمّ ، ومن كان في هذه أعمى ، فهو في الآخرة أعمى وأضلُّ سبيلاً.
ويظهر من العيني في عمدة القاري (٣) (٢ / ١٧٢) ، وابن حجر في فتح الباري (٤) (١ / ٣٥٢) ثبوت تينك الفقرتين (٥) من لفظ عمر في الحديث ولذلك جعلاه مذهباً له ، قال العيني :
__________________
(١) مصابيح السنّة : ١ / ٢٣٩ ح ٣٦٦.
(٢) تذكرة الحفّاظ : ٣ / ٩٥١ رقم ٨٩٧.
(٣) عمدة القاري : ٤ / ١٨ ـ ١٩.
(٤) فتح الباري : ١ / ٤٤٣.
(٥) أعني قول عمر : لا تصلّ. وقوله : أمّا أنا فلم أكن لأصلّي حتى أجد الماء. (المؤلف)