الرجل ، فمن فرّق بين الرجل والمرأة فقوله خارج عن الأُصول. ومن جهة أخرى : أنّ العلّة في مسِّ المرأة المرأة والرجل الرجل أنّه مباشرة من غير جماع فلم يكن حدثاً ، كذلك الرجل والمرأة. انتهى.
فترى بعد هذه كلّها أنّ رأي الخليفة شاذّ عن الكتاب والسنّة الثابتة وإجماع الأُمّة ، واجتهاد محض تجاه النصوص المسلّمة ، ولذلك خالفته الأُمّة الإسلاميّة جمعاء من يومها الأوّل حتى اليوم ، وأصفقت على وجوب التيمّم على الجنب الفاقد للماء ، ولم يتّبعه فيما رآه أحد إلاّ عبد الله بن مسعود إن صحّت النسبة إليه.
ويظهر من صحيحة الشيخين ـ البخاري ومسلم ـ عن شقيق أنّ الاجتهاد المذكور في آيتي التيمّم والتأويل في قوله : (أَوْ لامَسْتُمُ) كما ذكر من مختلقات التابعين ومن بعدهم ، وكان مفاد الآيتين متّفقاً عليه عند الصحابة ولم يكن قطُّ اختلاف بينهم فيه وإنّما كره عمر وتابِعه الوحيد التيمّم للجنب الفاقد للماء لغاية أخرى.
قال شقيق : كنت بين عبد الله بن مسعود وأبي موسى رضي الله عنهما ، فقال أبو موسى : أرأيت يا أبا عبد الرحمن لو أنّ رجلاً أجنب فلم يجد الماء شهراً كيف يصنع بالصلاة؟ فقال : لا يتيمّم وإن لم يجد الماء شهراً. فقال أبو موسى : كيف بهذه الآية في سورة المائدة : (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً)؟ قال عبد الله : لو رُخّص لهم في هذه الآية لأوشك إذا برد عليهم الماء أن يتيمّموا بالصعيد. فقال له أبو موسى : وإنّما كرهتم هذا لذا؟ قال : نعم. فقال أبو موسى لعبد الله : ألم تسمع قول عمّار لعمر رضي الله عنهما : بعثني رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فأجنبت فلم أجد الماء فتمرّغت في الصعيد كما تتمرّغ الدابّة ثمّ أتيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فذكرت له ذلك ، فقال : «إنّما كان يكفيك أن تصنع هكذا» ، وضرب بكفّيه ضربةً على الأرض ثمّ نفضها ثمّ مسح بها ظهر كفِّه بشماله وظهر شماله بكفه ثمّ مسح بهما وجهه؟ فقال عبد الله : أفلم تر عمر لم يقنع بقول عمّار؟