ويظهر من القرائن أنّ هذه القضيّة غير سابقتها والله أعلم.
وقد عدّ ابن الجوزي (١) هذه الفضيحة المخزية من مناقب عمر ، وتبعه شاعر النيل حافظ إبراهيم ونظمها في قصيدته العمريّة ، فقال تحت عنوان : مثال رجوعه إلى الحقّ :
وفتية ولعوا بالراح فانتبذوا |
|
لهم مكاناً وجدّوا في تعاطيها |
ظهرتَ حائطَهمْ لمّا علمتَ بهمْ |
|
والليلُ معتكرُ الأرجاء ساجيها |
حتى تبيّنتهمْ والخمرُ قد أخذتْ |
|
تعلو ذؤابةَ ساقيها وحاسيها |
سفّهتَ آراءهم فيها فما لبثوا |
|
أن أوسعوك على ما جئت تسفيها |
ورمت تفقيهَهم في دينِهمْ فإذا |
|
بالشرب قد برعوا الفاروقَ تفقيها |
قالوا مكانك قد جئنا بواحدةٍ |
|
وجئتنا بثلاثٍ لا تباليها |
فائتِ البيوتَ من الأبوابِ يا عمر |
|
فقد يُزَنّ (٢) من الحيطانِ آتيها |
واستأذنِ الناسَ لا تغشى بيوتَهمُ |
|
ولا تلمَّ بدارٍ أو تمحّيها |
ولا تجسّسْ فهذي الآيُ قد نزلتْ |
|
بالنهيِ عنه فلم تذكر نواهيها |
فعدتَ عنهمْ وقد أكبرتَ حجّتهمْ |
|
لمّا رأيتَ كتابَ الله يمليها |
وما أنفتَ وإن كانوا على حرجٍ |
|
من أن يحجّكَ بالآياتِ عاصيها |
قال الأميني : هكذا يعمي الحبّ ويصّم ، ويجعل الموبقات مكرمات ، ويبدّل السيّئات حسنات.
٣ ـ عن عبد الرحمن بن عوف : أنّه حرس مع عمر بن الخطّاب ليلةً بالمدينة ، فبينما هم يمشون شبّ لهم سراج في بيت فانطلقوا يؤمّونه ، حتى إذا دنوا منه
__________________
(١) صفة الصفوة : ١ / ٢٧٧.
(٢) بالبناء للمجهول من أزنّه بكذا يعني اتّهمه به. (المؤلف)