المعاصي تستوجب تعزيراً؟ أولم يكن من رأي الخليفة جلد صائمٍ أُخِذ على شراب كما يأتي في نادرة (٧٢)؟
أولم يكن من رأيه ضرب خمسين على من وجد مع امرأة في لحافها على فراشها (١)؟
أولم يكن مقرّراً حكم عبد الله بن مسعود في رجل وجد مع امرأة في لحاف ، فضرب عبد الله كلّ واحد منهما أربعين سوطاً وأقامهما للناس ، فذهب أهل المرأة وأهل الرجل فشكوا ذلك إلى عمر بن الخطّاب ، فقال عمر لابن مسعود : ما يقول هؤلاء؟ قال : قد فعلت ذلك. قال : أورأيت ذلك؟ قال : نعم. فقال : نعمَ ما رأيت. فقالوا : أتيناه نستأذنه فإذا هو يسأله (٢).
نعم ؛ للقارئ أن يفرّق بين ما نحن فيه وبين تلكم المواقف التي حكم فيها بالتعزير بأنّ الحكم هناك قد دار مدار اللحاف ولم يكن لحاف على المغيرة وأُمّ جميل في فحشائهما ، والقول بمثل هذه الخزاية أهون من تلكم الكلم التي توجد في الدفاع عن الخليفة حول هذه القضيّة ولدتها.
هذا مغيرة وهذه إلى أمثالها بوائقه ، وكان يُعرف بها في إسلامه وقبله ، وقد أتى أمير المؤمنين عليهالسلام عندما تولّى الخلافة يظهر بزعمه النصح له بإقرار معاوية في ولايته على الشام ردحاً ثمّ يفعل به ما أراد ، وبما أنّ أمير المؤمنين عليهالسلام لم يكن ممّن يداهن ويجامل أعداء الله في أمر الدين ولا يؤثر الدهاء على حكم الشريعة ، وكان يرى أنّ مفاسد إبقاء معاوية على الأمر لا تكافئ مصلحة إغفاله عن المقاومة ، فإنّه غير صالح لتولّي أمر المسلمين فيومه لدة سنته ، وساعته كمثل عمره في الفساد ، رفض
__________________
(١) أخرجه إمام الشافعية في كتاب الأُم : ٧ / ١٧٠ [٧ / ١٨٣]. (المؤلف)
(٢) أخرجه الطبراني [المعجم الكبير ٩ / ٣٤١ ح ٩٦٩٤ ، وفيه : أتيناه نستأديه] والهيثمي في مجمع الزوائد : ٦ / ٢٧٠ وقال : رجاله رجال الصحيح. (المؤلف)