لو انّ اللؤمَ يُنسَبُ كان عبداً |
|
قبيحَ الوجهِ أعورَ من ثقيفِ |
تركتَ الدينَ والإسلامَ لمّا |
|
بدتْ لك غدوةً ذاتُ النصيفِ |
وراجعت الصبا وذكرت لهواً |
|
من القيناتِ في العمرِ اللطيفِ (١) |
ولا يشكّ ابن أبي الحديد المعتزلي في أنّ المغيرة زنى بأُمّ جميل وقال : إنّ الخبر بزناه كان شائعاً مشهوراً مستفيضاً بين الناس (٢) ، غير أنّه لم يخطئ عمر بن الخطّاب في درء الحدّ عنه ، ويدافع عنه بقوله : لأنّ الإمام يستحبّ له درء الحدّ وإن غلب على ظنّه أنّه قد وجب الحدّ عليه.
عزب عن ابن أبي الحديد أنّ درء الحدّ بالشبهات لا يخصّ بالمغيرة فحسب بل للإمام رعاية حال الشهود أيضاً ودرء الحدّ عنهم ، فأنّى لإمام درأ الحدّ عمّن يقال : إنّه كان أزنى الناس في الجاهليّة ، فلمّا دخل في الإسلام قيّده الإسلام وبقيت عنده منه بقيّة ظهرت في أيّام ولايته بالبصرة (٣)؟ أنّى له رفع اليد عن مثل الرجل وقد غلب على ظنّه وجوب الحدّ عليه ، وحكمه بالحدّ على أبرياء ثلاثة يشكّ في الحدّ عليهم وفيهم من يعدّ من عبّاد الصحابة؟ وأنّى يتأتّى الاحتياط في درء الحد عن واحد مثل المغيرة برمي ثلاثة بالكذب والقذف وتشويه سمعتهم في المجتمع الدينيّ وتخذيلهم بإجراء الحدّ عليهم؟
ثمّ هلاّ اجتمعت كلمة الشهود الأربعة على ما شهد به زياد من معاصي المغيرة دون إيلاج المرود في المكحلة؟ فلما ذا لم يعزّره على ما اقترفه من الفاحشة؟ أولم تكن
__________________
(١) الأغاني : ١٤ / ١٤٧ [١٦ / ١١٠] ، شرح ابن أبي الحديد : ٣ / ١٦٣ [١٢ / ٢٣٨ خطبة ٢٢٣]. (المؤلف)
(٢) شرح نهج البلاغة : ٣ / ١٦٣ [١٢ / ٢٤١ خطبة ٢٢٣]. (المؤلف)
(٣) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ٣ / ١٦٣ [١٢ / ٢٣٩ خطبة ٢٢٣] ، نقلاً عن المدائني. (المؤلف)