نصوص العلماء على أنّ المنهيّ عنه للخليفة هو متعة الحجِّ والجمع بين الحجِّ والعمرة.
وقبل هذه كلّها تنصيص عمر نفسه على ذلك وتعليله للنهي عنها بقوله : إنّي أخشى أن يعرِّسوا بهنّ تحت الأراك ثمّ يروحوا بهن حجّاجاً. وقوله : إنِّي لو رخّصت في المتعة لهم لعرّسوا بهنّ في الأراك ثمّ راحوا بهنّ حجّاجاً. وقوله : كرهت أن يظلّوا معرِّسين بهنّ في الأراك ثمّ يروحوا في الحجِّ تقطر رءوسهم.
وقال الشيخ بدر الدين العيني الحنفي في عمدة القاري شرح صحيح البخاري (١) (٤ / ٥٦٨) : قال عياض وغيره جازمين ؛ بأنّ المتعة التي نهى عنها عمر وعثمان هي فسخ الحجِّ إلى العمرة لا العمرة التي يحجّ بعدها. قلت : يرد عليهم ما جاء في رواية مسلم في بعض طرقه التصريح بكونها متعة الحجِّ ، وفي رواية له : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أعمر بعض أهله في العشر. وفي رواية له : جمع بين حجّ وعمرة. ومراده التمتّع المذكور وهو الجمع بينهما في عام واحد. انتهى.
٢ ـ اختصاص إباحة المتعة بالصحابة في عمرتهم مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فحسب. عزوا ذلك إلى عثمان وإلى الصحابي العظيم أبي ذر الغفاري ، ويرد عليه كما في زاد المعاد لابن القيّم (٢) (١ / ٢١٣) : إنّ تلكم الآثار الدالّة على الاختصاص بالصحابة بين باطل لا يصحّ عمّن نُسب إليه البتّة ، وبين صحيح عن قائل غير معصوم لا يعارض به نصوص المشرِّع المعصوم. ففي صحيحة الشيخين وغيرهما عن سراقة بن مالك قال : متعتنا هذه يا رسول الله لعامنا هذا أم للأبد؟ قال : «لا بل للأبد ـ لأبد الأبد» (٣).
__________________
(١) عمدة القاري : ٩ / ٢٠٥.
(٢) زاد المعاد : ١ / ٢٠٧.
(٣) صحيح البخاري : ٣ / ١٤٨ [٢ / ٦٣٢ ح ١٦٩٣] كتاب الحجّ باب عمرة التنعيم ، صحيح مسلم : ١ / ٣٤٦ [٣ / ٥٤ ح ١٤١ كتاب الحجّ] ، كتاب الآثار للقاضي أبي يوسف : ص ١٢٦ ، سنن ابن ماجة : ٢ / ٢٣٠ [٢ / ٩٩٢ ح ٢٩٨٠] ، مسند أحمد : ٣ / ٣٨٨ و ٤ / ١٧٥ [٤ / ٣٧٨ ح ١٤٧٤٣ و ٥ / ١٨٧ ح ١٧١٤٠] ، سنن أبي داود : ٢ / ٢٨٢ [٢ / ١٥٥ ح ١٧٨٧] ، صحيح النسائي : ٥ / ١٧٨ [٢ / ٣٦٦ ح ٣٧٨٧ ـ ٣٧٨٩] ، سنن البيهقي : ٥ / ١٩. (المؤلف)