قال أحمد : لا يعرف هذا الرجل ، هذا حديث ليس إسناده بالمعروف ، ليس حديث بلال عندي بثبت. وقال ابن القيّم في زاد المعاد (١) بعد نقله قول أحمد : قلت : وممّا يدلّ على صحّة قول الإمام أحمد ، وأن هذا الحديث لا يصحّ أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أخبر عن المتعة أنّها للأبد ، فنحن نشهد بالله أنّ حديث بلال هذا لا يصحّ عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهو غلط عليه ، وكيف تقدّم رواية بلال على روايات الثقات الأثبات إلى أن قال :
قال المجوّزون للفسخ : هذا قول فاسد لا شكّ فيه بل هذا رأي لا شكّ فيه ، وقد صرّح بأنّه رأي من هو أعظم من عثمان وأبي ذرّ وعمران بن حصين. ففي الصحيحين (٢) واللفظ للبخاري : تمتّعنا مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ونزل القرآن ، فقال رجل برأيه ما شاء ، ولفظ مسلم (٣) : نزلت آية المتعة في كتاب الله عزّ وجلّ ـ يعني متعة الحجّ ـ وأمرنا بها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ثمّ لم تنزل آية تنسخ متعة الحجّ ولم ينهَ عنها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى مات ، قال رجل برأيه ما شاء. وفي لفظ : يريد عمر. وقال عبد الله بن عمر لمن سأله عنها وقال : إنّ أباك نهى عنها : أمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أحقّ أن يتّبع أو أبي؟ وقال ابن عبّاس لمن كان يعارضه فيها بأبي بكر وعمر : يوشك أن ينزل عليكم حجارة من السماء أقول : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وتقولون : قال أبو بكر وعمر.
فهذا جواب العلماء لا جواب من يقول : عثمان وأبو ذرّ أعلم برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم منكم ، وهلاّ قال ابن عبّاس وعبد الله بن عمر : أبو بكر وعمر أعلم برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم منّا؟ ولم يكن أحد من الصحابة ولا أحد من التابعين يرضى بهذا الجواب في دفع نصّ عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهم كانوا أعلم بالله ورسوله وأتقى له من أن يقدّموا على قول المعصوم رأي غير المعصوم.
__________________
(١) زاد المعاد : ١ / ٢٠٧ ـ ٢٠٨.
(٢) صحيح البخاري : ٢ / ٥٦٩ ح ١٤٩٦ ، صحيح مسلم : ٣ / ٧١ ح ١٧٢ كتاب الحجّ.
(٣) صحيح مسلم : ٣ / ٧٠ ح ١٦٦ كتاب الحجّ.