الشارع ، وإن ادّعى مدّعٍ أنّ المتعة كانت حلالاً طلقاً بإذن من الشارع وإقرار منه فلتكن ولنقل أن لا بأس بها ولا كلام لنا في هذه على ردّها.
وإنّما كلامي الآن في أنّ المتعة هل ثبتت في القرآن أو لا؟
كتب الشيعة تدّعي أنّ المتعة نزل فيها قول الله جلّ جلاله : (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ).
وأرى أنّ أدب البيان يأبى وعربيّة هذه الجملة الكريمة تأبى أن تكون هذه الجملة الجليلة الكريمة قد نزلت في المتعة ؛ لأنّ تركيب هذه الجملة يفسد ونظم هذه الآية الكريمة يختلّ لو قلنا إنّها نزلت فيها (ص ٣٢).
أمّا متعة النكاح ونكاح المتعة فلم ينزل قرآن فيها وفيه. ولبيان هذا المعنى الجليل عقدت هذا الباب دفعاً لما شاع في كتب الشيعة أنّ قوله : (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) نزل في نكاح المتعة (ص ١٢١).
المتعة لم تكن مباحة في شرع الإسلام أصلاً ، ونسخها لم يكن نسخ حكم شرعيّ ، إنّما كان نسخ أمر جاهليّ تحريم أبد (ص ١٣٢).
حديث المتعة من غرائب الأحاديث كان يقول بها جماعة من الصحابة ، حتى قال بها جماعة من التابعين منهم طاووس وعطاء وسعيد بن جبير وجماعة من فقهاء مكة ، روى الحاكم في علوم الحديث (١) عن الإمام الأوزاعي أنّه كان يقول : يُترك من قول أهل الحجاز خمس منها المتعة (ص ١٣٢).
وقد أسرف القول بإباحة المتعة فقيه مكة ابن جُريج كما كان يسرف في العمل بها حتى أوصى بسبعين امرأة وقال : لا تتزوّجوا بهنّ فإنّهنّ أُمّهاتكم. وقد روى أبو عوانة في صحيحه عن ابن جريج عن هذا المسرف المتمتّع أنّه قال لهم بالبصرة :
__________________
(١) معرفة علوم الحديث : ص ٦٥.