وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ) شربها قوم لقوله : (مَنافِعُ لِلنَّاسِ) ، وتركها قوم لقوله : (إِثْمٌ كَبِيرٌ) منهم عثمان بن مظعون (١) حتى نزلت الآية التي في النساء (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى) فتركها قوم ، وشربها قوم يتركونها بالنهار حين الصلاة ويشربونها بالليل حتى نزلت الآية التي في المائدة : (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ) الآية ، قال عمر : أَقُرِنتِ بالميسر والأنصاب والأزلام؟ بعداً لك وسحقاً فتركها الناس.
وأخرج الطبري (٢) ، عن سعيد بن جبير ما يقرب منه وفي آخره : حتى نزلت : (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ) الآية ، فقال عمر : ضيعة لك اليوم قُرِنتِ بالميسر.
وأخرج ابن المنذر عن محمد بن كعب القرظي حديثاً فيه : ثمّ نزلت الرابعة التي في المائدة ، فقال عمر بن الخطّاب : انتهينا يا ربّنا (٣).
قال الأميني : لم نرُم بسرد هذه الأحاديث إثبات شرب الخمر على الخليفة أيّام الجاهليّة إذ الإسلام يجبّ ما قبله ، (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (٤). بل الغاية المتوخّاة إيقاف القارئ على مبلغ علم الخليفة بالكتاب ، وحدِّ عرفانه مغازي آيات الله وأنّه لم يكن يعرف الحظر من قوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ). وقد نزل بياناً للنهي عنها ، وعرفته
__________________
(١) هذا افتراء على ذلك الصحابي العظيم ، وقد نصّ أئمّة التاريخ والحديث على أنّه ممّن حرّم على نفسه الخمر في الجاهلية وقال : لا أشرب شراباً يُذهب عقلي ، ويُضحِك بي من هو أدنى منّي ، ويحملني على أن أنكح كريمتي. راجع الاستيعاب : ٢ / ٤٨٢ [القسم الثالث / ١٠٥٤ رقم ١٧٧٩] ، والدرّ المنثور : ٢ / ٣١٥ [٣ / ١٥٩ وفيه : أُنكح كريمتي من لا أريد]. (المؤلف)
(٢) جامع البيان : مج ٢ / ج ٢ / ٣٦١.
(٣) الدرّ المنثور : ٢ / ٣١٥ ، ٣١٧ ، ٣١٨ [٣ / ١٥٧ ، ١٥٩ ، ١٦٥]. (المؤلف)
(٤) المائدة : ٩٣.