قال : لا. فدعا بالدرّة وجعل يضربه بها فجعل يقرأ : (الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) ، إلى قوله تعالى : (وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ) (١) ثمّ قال : إنّما أهلك من كان قبلكم أنّهم أقبلوا على كتب علمائهم وأساقفتهم وتركوا التوراة والإنجيل حتى درسا وذهب ما فيهما من العلم.
وأخرج عبد الرزاق (٢) ، وابن الضريس في فضائل القرآن والعسكري في المواعظ ، والخطيب عن إبراهيم النخعي ، قال : كان بالكوفة رجل يطلب كتب دانيال وذلك الضرب ، فجاء فيه كتاب من عمر بن الخطّاب أن يرفع إليه ، فلمّا قدم على عمر علاه بالدرّة ثمّ جعل يقرأ عليه : (الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ ـ حتى بلغ ـ الْغافِلِينَ) قال : فعرفت ما يريد ، فقلت : يا أمير المؤمنين دعني فو الله لا أدع عندي شيئاً من تلك الكتب إلاّ أحرقته ، فتركه.
راجع (٣) سيرة عمر لابن الجوزي (ص ١٠٧) ، شرح ابن أبي الحديد (٣ / ١٢٢) ، كنز العمّال (١ / ٥٩).
وجاء في تاريخ مختصر الدول (٤) لأبي الفرج الملطي المتوفّى (٦٨٤) (ص ١٨٠) من طبعة بوك في اوكسونيا سنة (١٦٦٣ م) ما نصّه :
وعاش ـ يحيى الغراماطيقي ـ إلى أن فتح عمرو بن العاص مدينة الاسكندرية ودخل على عمرو وقد عرف موضعه من العلوم فأكرمه عمرو وسمع من ألفاظه الفلسفية التي لم تكن للعرب بها أُنسة ما هاله ، ففُتِن به وكان عمرو عاقلاً ، حسن
__________________
(١) يوسف : ١ ـ ٣.
(٢) المصنّف : ٦ / ١١٤ ح ١٠١١٦.
(٣) تاريخ عمر بن الخطّاب : ص ١١٦ ، شرح نهج البلاغة : ١٢ / ١٠١ الخطبة ٢٢٣ ، كنز العمّال : ١ / ٣٧٤ ح ١٦٣٢.
(٤) تاريخ مختصر الدول : ص ١٠٣.