المحبّ الطبري في الرياض (١) (٢ / ٣٨) واستدلّ به على أنّ سرد الصوم أفضل من صوم يوم وفطر يوم.
وليس هناك نهي عن ذلك في السنّة الشريفة ، وما يشعر بظاهره النهي عنه مثل قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا صام من صام الأبد». وقوله : «من صام الأبد فلا صام ولا أفطر». فهو منزّل على صوم الأبد المستلزم لصوم الأيّام المحرّم صومها أو على صورتي إيجابه الضعف أو تفويت الحقّ ، وبدون هذه لا نهي عنه كما في صحيح مسلم (٢) (١ / ٣١٩) ، وسنن البيهقي (٤ / ٢٩٩) ، وكثير من كتب الفقه وشروح مجامع الحديث. وأخرج ابن جرير عن أُمّ كلثوم قالت : قيل لعائشة : تصومين الدهر وقد نهى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن صيام الدهر؟ قالت : نعم ؛ سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ينهى عن صيام الدهر ، ولكن من أفطر يوم الفطر ويوم النحر فلم يصم الدهر (٣).
وقال النووي في شرح صحيح مسلم (٤) ـ هامش الإرشاد (٥ / ٥١) : وفي هذه الروايات المذكورة في الباب النهي عن صيام الدهر ، واختلف العلماء فيه ، فذهب أهل الظاهر إلى منع صيام الدهر نظراً لظواهر هذه الأحاديث ، قال القاضي وغيره : وذهب جماهير العلماء إلى جوازه إذا لم يصم الأيّام المنهيّ عنها وهي العيدان والتشريق ، ومذهب الشافعي وأصحابه أنّ سرد الصيام إذا أفطر العيدين والتشريق لا كراهة فيه بل هو مستحب بشرط أن لا يلحقه به ضرر ولا يفوّت حقّا ، فإن تضرّر أو فوّت حقّا فمكروه ، واستدلّوا بحديث حمزة بن عمرو وقد رواه البخاري ومسلم أنّه قال : يا رسول الله إنّي أسرد الصوم أفأصوم في السفر؟ فقال : «إن شئت فصم». وهذا لفظ
__________________
(١) الرياض النضرة : ٢ / ٣٠٩.
(٢) صحيح مسلم : ٢ / ٥١٧ ح ١٨٦ و ١٨٧ كتاب الصيام.
(٣) كنز العمّال : ٤ / ٣٣٤ [٨ / ٦٢٧ ح ٢٤٤٥١ نقلاً عن تهذيب الآثار للطبري : ١ / ٣١٥ ح ٥٠٧ مسند عمر بن الخطّاب]. (المؤلف)
(٤) شرح صحيح مسلم : ٨ / ٤٠ ـ ٤٢.