وخضبتِ من دمِهِ بنانَكِ عَنوةً |
|
وكفاكِ ما شهدت به كفّاكِ |
حجبتك عن أسدٍ أُسودُ عرينِها |
|
وحَماك لحظُكِ عن أُسود حماكِ |
حجبوك عن نظري فيا للهِ ما |
|
أدناكِ من قلبي وما أقصاكِ |
ضنّ الكرى بالطيفِ منك فلم يكنْ |
|
إسراك بل هجرَ الكرى أَسراكِ |
ليت الخيالَ يجودُ منكِ بنظرةٍ |
|
إن كان عزَّ على المحبِّ لقاكِ |
فأرقت أرضَ الجامعينِ (١) فلا الصبا |
|
عذبٌ ولا طرفُ السحائبِ باكي |
كلاّ ولا برد الكلا بيد الحبا (٢) |
|
فيها يحاك ولا الحمامُ يحاكي |
ودّعت راحلةً فكم من فاقدٍ |
|
باكٍ وكم من مُسعفٍ متباكي |
أبكى فراقُكمُ الفريقَ فأعينُ ال |
|
ـمشكوِّ تبكي رحمةً للشاكي |
كنّا وكنتِ عن الفراقِ بمعزلٍ |
|
حتى رمانا عامداً ورماكِ |
وكذا الأُلى من قبلِنا بزمانِهمْ |
|
وثقوا فصيّرهم حكايَة حاكي |
يا نفسُ لو أدركتِ حظّا وافراً |
|
لنهاكِ عن فعلِ القبيح نُهاكِ |
وعرفت من أنشاكِ من عدمٍ إلى |
|
هذا الوجود وصانعاً سوّاكِ |
وشكرت مِنّته عليكِ وحسن ما |
|
أولاكِ من نعمائِه مولاكِ |
أولاك حبَّ محمدٍ ووصيِّه |
|
خيرِ الأنامِ فنعم ما أولاكِ |
فهما لعمرُكِ علّماكِ الدينَ في |
|
الأُولى وفي الأخرى هما عَلماكِ |
وهما أمانكِ يوم بعثِكِ في غدٍ |
|
وهما إذا انقطع الرجاءُ رجاكِ |
وإذا الصحائفُ في القيامةِ نُشّرتْ |
|
سترا عيوبَكِ عند كشف غطاكِ |
وإذا وقفتِ على الصراطِ تبادرا |
|
فتقدّماكِ فلم تزل قدماكِ |
وإذا انتهيتِ إلى الجنانِ تلقّيا |
|
كِ وبشّراكِ بها فيا بُشراكِ |
__________________
(١) أرض الجامعين : اسم للحلة الفيحاء في سابقها ، وأمّا اليوم فهو إحدى محلاّتها [معجم البلدان : ٢ / ٢٩٤]. (المؤلف)
(٢) الحبا : السحاب الكثيف الذي يدنو من الأرض. (المؤلف)