كان في الطراز الأوّل من شعراء لغة الضاد ، فاق شعره بجزالة اللفظ ، ورقّة المعنى ، وأشفّ بحسن الأُسلوب والانسجام ، وقد تفنّن بمحاولة المحسّنات اللفظيّة مع المحافظة على المزايا المعنويّة ، فجاء مقدّماً في فنون الشعر ، إماماً من أئمّة الأدب كما أنّه كان معدوداً من علماء الشيعة المشاركين في الفنون.
في مجالس المؤمنين (١) (ص ٤٧١) عن بعض تآليف صاحب القاموس مجد الدين الفيروزآبادي الشافعي أنه قال : اجتمعت سنة (٧٤٧) بالأديب الشاعر صفيِّ الدين بمدينة بغداد فرأيته شيخاً كبيراً وله قدرة تامّة على النظم والنثر ، وخبرة بعلوم العربيّة والشعر ، فقرضه أرقُّ من سحر النسيم ، وأورق من المحيّا الوسيم ، وكان شيعيّا قحّا ، ومن رأى صورته لا يظنُّ أنّه ينظم ذلك الشعر الذي هو كالدرِّ في الأصداف.
وقال ابن حجر في الدرر الكامنة (٢ / ٣٦٩) : تعانى الأدب فمهر في فنون الشعر كلّها ، وتعلّم المعاني والبيان وصنّف فيهما ، وتعانى التجارة فكان يرحل إلى الشام ومصر وماردين وغيرها في التجارة ثمّ يرجع إلى بلاده ، وفي غضون ذلك يمدح الملوك والأعيان ، وانقطع مدّة إلى ملوك ماردين وله في مدائحهم الغرر ، وامتدح الناصر محمد بن قلاوون والمؤيّد إسماعيل بحماة. وكان يُتّهم بالرفض وفي شعره ما يشعر به ، وكان مع ذلك يتنصّل بلسان قاله وهو في أشعاره موجود وإن كان فيها ما يناقض ذلك ، وأوّل ما دخل القاهرة سنة بضع وعشرين ، فمدح علاء الدين بن الأثير فأقبل عليه وأوصله إلى السلطان ، واجتمع بابن سيّد الناس وأبي حيّان وفضلاء ذلك العصر ، فاعترفوا بفضائله ، وكان الصدر شمس الدين عبد اللطيف ... يعتقد أنّه ما نظم الشعر أحد مثله مطلقاً ، وديوان شعره مشهور يشتمل على فنونٍ كثيرةٍ ، وبديعيّته مشهورة وكذا شرحها ، وذكر فيه أنّه استمدّ من مائة وأربعين كتاباً.
قال الأميني : وممّن اجتمع المترجم به الصفدي سنة (٧٣١) يروي عن المترجم
__________________
(١) مجالس المؤمنين : ٢ / ٥٧٦.