يقتضي ما عنه وجوده الذي لا تكون فيه كثرة ولا قلّة بهذه النسب ، وهو يتعالى عن ذلك.
وإن كان عَرضاً ، وكان وجودُ العرض مستنداً إلى وجود ما يتقدم عليه من الجوهر ، الذي به وجوده ، وهو يتعالى ويتكبر عن أن تتعلّق هويته بما يتأوّل عليه ، بطل أن يكون عرضاً. (١)
وحاصل هذا الوجه أنّ كونه سبحانه موصوفاً بالأيس ، لا يخلو من صور أربع :
أ : أن يكون جوهراً جسمانياً.
ب : أن يكون عرضاً.
ج : أن يكون جوهراً مجرداً ، قائماً بالقوّة ، مثل الأنفس.
د : أن يكون جوهراً مجرداً قائماً بالفعل ، مثل العقول.
الصورة الأُولى : تستلزم أن يكون مؤلّفاً من أجزاء ، والأجزاء متقدّمة على الكُلّ ، فيكون محتاجاً إلى غيره.
ومثلها الصورة الثانية : لحاجة العرض إلى وجود موضوع متقدم عليه.
ومثلها الثالثة : لأنّه إذا كان قائماً بالقوّة ، فيحتاج إلى من يخرجه إلى الفعل ، وأن يكون المخرج متقدّماً عليه ، وهو سبحانه غني.
وأمّا الصورة الرابعة : فقد فصّل فيها الكلام ولها شقان :
الأوّل : أن يكون فاعلاً في ذاته ، من غير حاجة إلى غير به يتم فعله ، فهذا يستلزم اجتماع النسب المختلفة في ذاته.
الثاني : أن يكون فاعلاً في غيرٍ به يتم فعله ، فهو يستلزم حاجته إلى ما يتمُّ به فعله ، وهو غني على الإطلاق.
______________________
١. راحة العقل : ٣٩ ـ ٤٠.