لم يبق منه إلا يد مقطوعة ورأس بلا جسد. واتخذوه طريقا لسلطنة الأندلس التي كانت هي الواسطة الوحيدة لإمداد أروبا بالمعارف ومبادئ الحضارة. وطرقوا جنوب العدوة الشمالية ردحا من الزمان وتغاضى صاحب بزنطة للعرب عجزا أو تغافلا بعد واقعة ذات الصواري عام ٣٧ في بحر الإسكندرية بين عبد الله بن أبي سرح وقسطنطين صاحب الأستانة ـ فللأول نحو مائتي مركب وللثاني خمسمائة في بعض الروايات ربطوها لبعضها وتضاربوا بالسيوف وتواجؤوا بالخناجر.
كما أطالت لهم أمم العدوة الشمالية حبل الإمهال إلى أن تفشى داء الفشل في العرب وتنازعوا أمرهم وأخلدوا إلى الراحة ، وساعفوا هواهم فركدت ريحهم ، وذهبت ريعهم ، فلم تقو إذ ذاك على أن تمسك بيدها الضعيفة وجسدها العليل على مخلوق عظيم متغلب. فتألبت الأمم المجاورة وتجاذبت حبل رياسته واقتعدت غواربه وتمرنت على تسيير أغربته. فرمى بأمم أروبا وهم أبناء يافث أبناء عمهم سام بأسيا وأبناء عمهم الآخر في إفريقيا في حرب الصليب.
وأحسن صلاح الدين الأيوبي في النصف الثاني من القرن السادس هجري مقابلة ضيوفه فأرجعهم إلى أوطانهم مزودين بالصنايع والعلوم الأيسوية العربية ، ومنها إجادة صنع المراكب البحرية. وأدى المستنصر الحفصي بتونس في النصف الثاني من القرن السابع هجريا مصاريف الضيافة للدول المحتلة بقرطاجنة وقدرها نحو واحد وعشرين مليونا من الفرنكات حسبما تقدم بسط المسألة في أسباب السفر للتغلب والاستيلاء ، وانجلى تعاون أمم أروبا. وهم كما علمت أسرع الناس إفاقة بعد مصيبة ، وأوشكهم كرة بعد فرة. على امتلاك الشق الأيسر «الشمالي» حتى إلى الذنب «الأندلس». وأصبح البحر حدا طبيعيا بين القارات فتعلقت الدولة العثمانية بعنقه «بحر مرمرة» فاضطرب جسده ونفر من هذا المتغلب الجديد عام ٨٥٧. ففزعت أرباب الشواطي ولم تتوفق الأمم لطرق الاتحاد على إسكانه والمسك بأطرافه. ولعب خير الدين بربروس دورا على مرسح مائه في أواسط القرن العاشر هجريا ، ولما استنجد فرانسوا الأول على أعدائه بالسلطان سليمان أرسل له عمارة بحرية تحت قيادته عام ٩٣٢ ووصلت إلى مرسيليا وانضمت إلى العمارة الفرانساوية التي لقيادة أجيان. حتى اجتمعت كلمة الدول وامتلكت الآن رأسه دولة الروسيا ، فهو ينام بإحدى مقلتيه ما