وعاصمة قرطاجنة قبل المسيح ٨٨٠. وهم من أبناء حام ولذلك آوتهم قرابة البربر بهم وإن اختلفوا في اللغات حيث الفنيقيون لغتهم عبرانية. كما أغرى الفنيقيين أيضا بمهاجمة الرومان في قعر منازلهم وعاصمة ملكهم ومناخ عزهم وقوة جيشهم وأبهة جبروتهم ، وساحل بهم بزعامة القائد أنيبال مع شاطيه الجنوبي الإفريقي زوجيتانيا «المغرب الأدنى «ونوميديا» الأوسط ومورة «الأقصى». وأجازهم على ذنبه ومنبع مائه «بحر الزقاق» ، وأدارهم على الشاطي الشمالي مع دروب وفجاج جبال البيريني ثم جنوب غليا (فرانسا) التي زودته بجيش من أبنائها إعانة على حرب رومة فامتزجوا بعساكر قرطاجنة وإفريقية يدا واحدة على من سواهم. وربما أعاد التاريخ نفسه في السنوات الأخيرة من جهة اتحاد إفريقية قرطاجنة وفرانسا في مواضع كثيرة بالشمال الغربي من إفريقيا. ثم ضرب هؤلاء القرطاجينون ببطل رومة القائد سيبيو المعروف بالإفريقي في أول القرن الثالث قبل المسيح ، ودامت سلطة الرومانيين قائمة على العدوتين. فإحدى رجليها بالجنوب على قرطاجنة والرجل الأخرى بالشمال على رومة نحو ستة قرون ١٤٦ ـ ٤٣٩. ثم أدال من الرومان بالفندال سنة ٤٣٩ ، جلبهم من جهات الدانمارك إلى إفريقيا. ثم أحل بإفريقيا أصحاب قيادته ومن بيدهم دواير قلادته من شواطي بزنطة «دولة الروم» سنة ٥٣٥ حتى ضرب الروم بجرانه على إفريقيا ، غير أن نوابهم خافوا من أذى مجاورته فرحلوا عن ساحله وتباعدوا عن ساحته. ومعلوم أن ماء صداقة البحر أجاج ، وليس لكف أذاه من علاج. فنصبوا كرسي الاستقلال بسبيطلة بدل قرطاجنة ، والبراري وحواضر القفار هي منازل العز بلا خلاف.
لذلك أسس العرب القيروان في أواسط إفريقيا بين البسايط الجميلة الموالية للصحراء وبين التلول النضرة المتصلة بساحل البحر الأبيض ، حيث قال لهم عقبة إنني أخاف أن يطرقها صاحب القسطنطينية فيهلكها صاحب البحر لكن اجعلوا بينها وبين البحر ما لا تقصر فيه الصلاة. وبعد أن كانوا يخافون البحر وينهون عنه أنشأوا بشاطىء قرطاجنة جيشا من المراكب ملكوا به أعضاء الحياة من هذا المخلوق العظيم وحرثوا أديمه بأساطيلهم الماخرة ، وأكلوا وشربوا على بساطه الفيروزجي ، وملكوا غالب جسده. ولم ينفلت منه غير يسراه في اليونان ورأسه الأسود وراء عنق مرمرة ، وبحيث