ثم دخل أربعة أفراس عليها عدد كدواب العربات وبعد خروجها دخل عدة شبان بلباس ملون.
وفي أثناء ذلك فتح باب من جنوب البطحاء ، فخرج منه ثور عظيم الخلقة وهجم كالأسد في فضاء البطحاء وظهر عليه الفزع من جيوش المتفرجين ، وكأنما تخطفت بصره هيئة إحاطتهم به ، فاندهش من هذا الفضاء الضيق والعالم المحدق ، ثم نظر في أطرافها فظهر له أولائك الشبان وبأيديهم المناديل الملونة. فصمم عليهم واحدا بعد آخر ، فطاروا من أمامه إلى ما وراء الألواح المحيطة بالبطحاء ، فشفى غليله بنطح تلك الألواح ليوهنها ، ثم ظهر له بعض منهم في جانب آخر ففعل بهم مثل الأول ، وعند ما ضعفت حدته وثقلت جريته ثبتوا له ثبات الأبطال وأشاروا له بالمناديل الكبرى دعوة للبراز. وكلما هجم على واحد تلقاه بذلك المنديل ومال إلى اليمين أو اليسار فيكون النطح في المنديل وتيار الهجوم يذهب في الفضاء فيتعرض له رجل آخر وآخر ، يقودونه للمحاربة فتراه يجري بين هذا وذاك بلا طائل. ثم وقف فارسان بالجانب الغربي من البطحاء وبيد كل واحد رمح غليظ طويل وقد غطوا عين الفرس من الجهة التي يأتي منها الثور ، وجللوا بطنه بالجلود حتى لا ينفذ فيه سلاح الثور ، وربما كان الفارس مدرعا أيضا تحت الثياب حيث يظهر ثقيل الحركة وقليل التصرف فوق السرج ، ويحيط بالفارس رجلان أحدهما ماسك بعنان الفرس يقدمها جهة الثور والآخر وراء الفرس مستعدا لإغاثة الفارس عند الحاجة. يهمز الفارس بركابه الطويل جنب فرس هزيل نحو ثور عظيم ويغرز حديدة الرمح في رقبته ، فيسيل دم الثور الذي يقتص لجرحه من الفرس ، فيرفعه مع فارسه على رأسه ويضرب بهما الأرض ، فتتلقف الرجل أيدي الأعوان وتعيده إلى سرجه. ويجري بينه وبين الفارس الثاني مثل ما ذكر ، وكثيرا ما تنكسر الرماح فيعوضونها بأخرى ، ومتى سقطت أمعاء فرس قضوا على حياته وأتوا بآخر هزيلا مثله ، ثم تبعد الأفراس ويأتي رجال بأيديهم السهام فيخاتلون الثور ويغرز كل واحد سهمين في أعلى رقبته بخفة غريبة ، ويتباعدون عنه فتشغل باله تلك النبال الثابتة كريش الطير في قفاه ويغضب لوخزها ، ولا يجد سبيلا للخلاص منها ، فيجري ويضرب برأسه في الهواء حتى تخور قواه ثم يقف وينبش الأرض بظلفه ويحثو التراب على رأسه كالمستغيث ، ولكن لا من مغيث من بين تلك الألوف. ولو