من جمعية الرفق بالحيوان. كقصر لاهاي فلا يصد الحروب ، ولا يجدي إليه الهروب.
يأتي إلى البطحاء رجل يركن إليه الثور قليلا في مبدأ الأمر ولعله يحسبه مغيثا لينزع منه تلك السهام ويريحه من الآلام. وأخيرا يجد نفسه معه مثل :
المستغيث بعمرو عند كربته |
|
كالمستغيث من الرمضاء بالنار |
فيتقدم إليه الرجل بمنديل يخفي تحته سيفا فيضرب الثور ذلك المنديل ضربا خفيفا مرة بعد أخرى ، حتى لا يكاد يتحرك إلى أن يهتبل الرجل الغرة في جانبه الأيمن فيغمد فيه كامل السيف طعنا في لبته إلى جهة القلب ، ويتركه في جسده فيتقيأ الثور نهرا من الدم العبيط تنطلق عند مرآه مدافع التصفيق لذلك المنظر الغريب إلى أن يسقط الثور على الأرض من ضرب الخناجر في الحناجر. وعلمت ما جاء في شعر المعز لدين الله العبيدي خليفة القيروان وهو :
تلك المحاجر في المعاجر |
|
أمضى وأقضى في النفوس |
تعب المهاجر في الهواجر |
|
لله ما فعلت بنا |
من الخناجر في الحناجر |
|
ولقد تعبت ببينكم |
يجهز الأعوان على الثور بالخناجر في دماغه ، ويربطونه بحبال تجره بها الخيل التي كانت دخلت في مبدأ الأمر كما تجر أموات الأفراس ، ثم يتماشى القاتل في البطحاء كالبطل الفاتح والناس ترميه بالأزهار وتطريه بالتصفيق. فعلوا مثل هذا بخمسة ثيران أخرى دامت مصارعتها إلى الساعة السادسة ، وكلما برز ثور وهجم على المصارعين نادى الناس بيكا. بيكا «رشقا رشقا». وأحيانا يصيحون عند الهجوم على الفارس ترايلو الكاما؟ «إلى الفراش». ومتى كانت ضربة السيف الأولى غير قاتلة سخر الناس بالقاتل وصفروا له ، وكلما هم بإعادة ضربة أخرى بالسيف صاحوا به سكبادو او ـ