ومرآة ترى فيها مجسمة صورة المملكة التي منها الرسول ، في الطباع والمعارف ودرجة التفكير ، وهم لا يحتاجون لما لهم من المقدرة والتفويض بالنيابة عن المرسل إلى مراجعة لبعد الشقة ، ولا بد أن تكون ممن تطيب لهم النفوس على الأسرار التي هي أصعب من الائتمان على الأموال والحرمات التي لا تودع إلا عند الثقة الأمين ، وصاحب النباهة والدين. والاستنجاد والإمداد من مشاهير الرسل فيه عبد الرحمن بن أنعم لما أحاط الخوارج بالقيروان ، أرسله السكان إلى الخليفة المنصور العباسي لإنجادهم لها ، بلغت عساكر الحصار للقيروان في هاته الفتنة ٣٥٠ ألفا. ومنها يعرف كثرة ساكن المدينة وجندها. ولما طال مقامه تشوف للإياب وتلطف في الإذن بالرجوع ، فأجيب لمرغوبه وولاه القضاء على مدينته فقال قصيدته الشهيرة :
ذكرت القيروان فهاج شوقي |
|
وأين القيروان من العراق |
وابن الأبار خاض البحار من الأندلس إلى تونس واستنجد بالحفصي في أوايل القرن السابع بالقصيدة الشهيرة :
أدرك بخيلك خيل الله أندلسا |
|
إن السبيل إلى منجاتها درسا |
وهب لها من عزيز النصر ما التمست |
|
لا زال منك عزيز النصر ملتمسا |
ورسول صلاح الدين الأيوبي إلى يعقوب المنصور ابن يوسف بن عبد المومن بن علي يستمد منه الإعانة بالأسطول في الحروب الصليبية ، ولاكنه لم ينجده حيث لم يذكر من ألقاب التعظيم في الكتاب ما تطمح إليه نفسه. وسافر العلامة المنعم سيدي إبراهيم الرياحي رسولا من أمير تونس إلى ملك المغرب في عام مسغبة للترخيص في شراء الحبوب للمملكة التونسية. وابن الخطيب في القرن الثامن سافر بين متبوعه ابن الأحمر وبين أبي عنان المريني فقضى حاجته قبل أن يجلس وهي من خوارق البخت والمقدرة. وله من الثقة ما وكل له بها السفر بحزم ابن الأحمر من