الداخلي ، وضمن الخلافة لنفسه ، وعاود الصراع مع الروم ، واستعاد أرمينيا.
وبعد أن استتب أمر الخلافة لمعاوية ، استقرت أوضاع بلاد الشام وازدهرت ، بما فيها فلسطين التي لا يرد ذكر اضطراب فيها. وحتى بعد موت معاوية ، وانتقال الخلافة إلى ابنه يزيد ، ظلت الشام على ولائها لبني أمية. ومات يزيد ، ولحق به بعد فترة قصيرة ابنه معاوية. وبرزت الفتنة الثانية ، واختلت الأمور ، وانحازت بلاد الشام إلى عبد الله بن الزبير ، ما عدا جندي فلسطين والأردن. ثم انحاز جند فلسطين إلى ابن الزبير أيضا بقيادة ناتل بن قيس (الجذامي ـ نسبة إلى قبيلة جذام) الذي وثب على روح بن زنباع (الجذامي أيضا) الذي كان عامل الأمويين في الجند ، وطرده ، بعد أن غادر حسان بن مالك (الكلبي) الجندين ـ فلسطين والأردن ـ متوجها إلى الجابية ، حيث احتشد أنصار بني أمية. وكان حسان رأس قبيلة كلب الكبيرة وتربطه بالأمويين علاقات نسب وولاء سياسي. وبعد مؤتمر الجابية ، وما تلاه ، أي معركة مرج راهط (٦٨٤ م) ، وهزيمة الضحاك بن قيس ، نصير عبد الله بن الزبير ، استعاد الأمويون زمام الأمور ، بقيادة مروان بن الحكم ، كبير بني أمية في حينه ، لكنه ليس من سلالة أبي سفيان.
وبنشاط كبير ، سيطر مروان بن الحكم على الأوضاع في الشام ومصر ، مضيقا الخناق على ابن الزبير في الحجاز. ثم ولّى ابنه عبد العزيز مصر ، وعبد الملك جندي فلسطين والأردن ، وعيّن روح بن زنباع نائبا لعبد الملك. وهرب ناتل بن قيس إلى الحجاز ، وحشد هناك جيشا عاد به إلى فلسطين ، فلقيه عبد الملك بن مروان ، وهزمه وقتله في أجنادين ، الأمر الذي ردع مصعب بن الزبير عن مواصلة مسيرته إلى فلسطين على رأس جيش آخر ، وتحوّل إلى العراق ، حيث هزمه عبد الملك وقتله أيضا. وتفرغ عبد الملك للحجاز ، فأرسل إليها الحجاج بن يوسف (الثقفي) ، فهزم ابن الزبير وقتله ، واستتب الأمر لعبد الملك كخليفة في الدولة الإسلامية الموحّدة بعد الفتنة الثانية. وفي بداية خلافة عبد الملك ، أغار الروم على مدن عسقلان وقيساريا وعكا ، فنهبوها وخربوها ، ثم عاد هذا الخليفة القوي وبناها وحصّنها ، وشحنها بالرجال ، وأنزل فيها المرابطة.
وإذا كان معاوية مؤسس ملك الأمويين ، فعبد الملك بن مروان هو الذي وطّد أركانه. وهو يكنى «أبا الملوك» ، لأنه ورّث الملك لأربعة من أبنائه من بعده ، وهم : الوليد وسليمان ويزيد وهشام. وقد عرف عبد الملك بشدة شكيمته وشخصيته الجبارة ، فاستطاع سحق الفتن في أيامه وتنظيم أمور الدولة وتعريب الديوان وصك الدنانير العربية. ومن أجل التفرغ للشؤون الداخلية ، هادن الروم ، وذهب إلى حد دفع