انضموا إلى صفوفها لاستكمال مسيرة الشيخ الشهيد البطولية. وحالة التوتر التي سادت البلاد بعد استشهاد القسام ورفاقه ، شكّلت كابحا قويا للأحزاب السياسية عن التعامل مع السلطة ، التي كانت أيديها ملطخة بدمائهم. وظهرت سريعا تشكيلات جديدة في أنحاء متعددة من البلاد ، تدعو إلى تصعيد النضال ضد الانتداب والصهيونية ، وبرز فيها أعضاء حزب الاستقلال : أكرم زعيتر وحمدي الحسيني وميشيل متري وسليم عبد الرحمن وعارف نور الله. كما ساندهم عزة دروزة وعجاج نويهض ، من زعماء هذا الحزب. وفي مقابلة مع واكهوب ، بعد ستة أيام على استشهاد القسام ، تقدم ممثلو الأحزاب الخمسة ، بغياب حزب الاستقلال الذي امتنع من المشاركة ، بمذكرة جاء فيها : «إنهم إذا لم يتلقوا عن مذكرتهم جوابا يمكن اعتباره بصورة عامة مرضيا ، فإنهم سيفقدون كل ما يملكونه من نفوذ على أتباعهم. وعندئذ تسود الآراء المتطرفة غير المسؤولة ، وتتدهور الحالة سريعا.»
وفي الواقع ، فقد صدق حدس لجنة الأحزاب ، إذ راحت الأوضاع تتأزم ، وتنذر بالانفجار العفوي الوشيك. فعلى أرضية الأزمة العامة ، التي تراكمت عناصرها منذ بداية الاستيطان الصهيوني ، وتعمقت أسبابها تحت الانتداب البريطاني ، وتفاقمت في الثلاثينات مع تدفق الهجرة اليهودية إلى فلسطين ، نشبت أزمة دورية حادة في العلاقات بين الحركة الفلسطينية وحكومة الانتداب ، أدّت إلى وجود حالة ثورية عامة. وإذ لم تستطع قيادة الحركة الوطنية الإمساك بزمام الأمور ، ونقل هذه الحالة إلى ثورة ، مبرمجة ومخططة ، فقد انفجرت بصورة تلقائية تحت الشعارات الوطنية العامة ، ولكن من دون برنامج عمل محدد ، أو إطار تنظيمي ، يتسق شكله مع المضمون الذي انطوت عليه الثورة ، فغلب عليها الارتجال والعفوية. وما كان لها أن تستعر ، لو لا الروح الكفاحية العالية لدى جماهير الشعب الفلسطيني ، المنبثقة من حدة الأزمة التي تعيشها البلاد ، وبالتالي استعداد الجماهير للتضحية في سبيل الشعارات التي رفعتها الثورة. وفي النتيجة ، فإن الميزات الذاتية للثورة ـ الروح الكفاحية والوفرة العددية والانتشار الجغرافي والقدرة على تحمل الأعباء .. إلخ ـ لم تغن عن التنظيم والبرمجة والتخطيط ، وبالتالي إدارة الصراع بالأسلوب الذي يقارب بين الذاتي والموضوعي ، ويدفع نحو حل التناقض لمصلحة الثورة.
فعلى صعيد الأزمة العامة ، كانت جميع عناصرها تتفاقم ، وبالتالي تزيد في حدتها. فالمشروع الصهيوني يتطور بخطوات سريعة والانتداب البريطاني يسانده من دون مواربة ، بينما الحركة الوطنية ينتابها الإحباط لفشلها في تحقيق الحد الأدنى من أهدافها المعلنة. لقد توطدت مرتكزات المشروع الصهيوني على الصعيدين ، الداخلي