يتضمن ما يلي : ١) الإعلان الفوري عن تأسيس دولة يهودية في فلسطين «كاملة وغير منقوصة» ؛ ٢) إيلاء مسألة الهجرة اليهودية إلى فلسطين للوكالة اليهودية ؛ ٣) الحصول على قرض دولي لتمويل هجرة المليون الأول من المهاجرين اليهود ؛ ٤) دفع تعويضات ألمانية إلى «الشعب اليهودي» ، من أجل إعمار فلسطين ، ومصادرة جميع الأملاك الألمانية فيها لمصلحة الاستيطان الصهيوني ؛ ٥) توفير المرافق الدولية المجانية لخروج اليهود الراغبين في الهجرة الى فلسطين ، وعبورهم في البلدان المعنية في الطريق إليها. وردت الحكومة البريطانية على الطلب أن المسألة يجب أن تبحث في مؤتمر السلام بمشاركة الدول العظمى ، الأمر الذي اعتبرته المنظمة الصهيونية دعوة إلى المشاركة في المؤتمر ، أسوة بما حدث بعد الحرب الأولى. (١)
ولأن الحرب قد انتهت ، ولم يعد الرفض العربي للمشروع الصهيوني يتمتع بالأهمية نفسها ، فقد أصبح بإمكان حكومتي بريطانيا والولايات المتحدة الإفصاح أكثر فأكثر عن انحيازهما إليه. وبينما كانت حكومة تشرشل قد نفضت أيديها من الكتاب الأبيض (١٩٣٩ م) تماما ، كان في البيت الأبيض الأميركي أحد أهم الركائز الصهيونية على الإطلاق ، هاري ترومان. وفي الواقع ، فإن ترومان أدّى دورا مركزيا خلال سنوات رئاسته في إقامة الكيان الصهيوني ، وتأمين الاعتراف الدولي بشرعية اغتصابه لفلسطين ، وطرد سكانها منها. ففي عهد ترومان جرى الإعلان عن قيام الكيان الصهيوني ، وتعهدت الولايات المتحدة تأمين الغطاء السياسي له والاعتراف الدولي به. وكذلك أرسيت قواعد «العلاقة المميزة» بين ذلك الكيان والولايات المتحدة ، التي أصبحت تشكل حجر الزاوية في أمنه على المستوى الاستراتيجي الأعلى ، أي المتعلق بمبرر قيامه واستمرار وجوده. وقد تمّ ذلك على حساب علاقة المشروع الصهيوني مع بريطانيا ، التي احتضنته في مراحل التأسيس ، أمّا بعد الحرب العالمية الثانية ، فقد وجدت نفسها في ظروف ذاتية وموضوعية ، اضطرتها إلى التخلي عن ذلك الدور لمصلحة الولايات المتحدة.
لقد عرف ترومان بارتباطه الوثيق بالأوساط الصهيونية على الساحة الأميركية منذ بداية حياته السياسية. وفي مجلس الشيوخ كان حليفا لعضويه ، واغنر وتافت ، اللذين تصدرا مجموعة الضغط الصهيوني في الكونغرس ، وهما يمثلان ولاية نيويورك ، حيث التأثير الصهيوني القوي. وفي أثناء توليه منصب نائب الرئيس ، كان داعية متحمسا لدعم المطالب الصهيونية ، داخل الإدارة الأميركية وخارجها. وفي فترة رئاسته ،
__________________
(٥٨) John Hadawi ,op.cit.,Vol.II ,pp.١ ـ ٢.