صامدا ، على الرغم من الهجمات المتكررة عليه. وكان بدوره قد استغل الهدنة لتحصين المواقع على الطرق المؤدية إليه. وانتهزت القوات الإسرائيلية الهدنة الثانية (١٨ تموز / يوليو ١٩٤٨ م) لمهاجمتها ، تحت يافطة عملية شوطير (الشرطي) ، ادعاء بأنها عملية داخلية ضد متمردين في الدولة اليهودية (٢٤ تموز / يوليو ١٩٤٨ م). وصمدت المقاومة المحلية في تلك القرى ، وصدت خلال يومين متواصلين من القتال هجمات متعددة ، مكبدة العدو خسائر كبيرة ، وفرضت عليه الانكفاء عن الهجوم الأرضي. لكن هذه القرى راحت تتعرض لقصف متواصل بعيد المدى ، الأمر الذي اضطر رجال المقاومة إلى الانسحاب منها بسلاحهم ، والتحاقهم بالقوات العراقية في منطقة جنين ، واستكمل احتلال الكرمل.
وفي الجبهة الوسطى ، ضد الجيش الأردني أصلا ، خططت القيادة الإسرائيلية لعملية داني ، وتحددت أهدافها كالتالي :
«أ) إزالة التهديد عن منطقة تل أبيب من جانب قوات الفيلق المعسكرة في الرملة ـ اللد ـ اليهودية وذلك بإبادة العدو في هذا القطاع.
«ب) توسيع الممر إلى القدس الذي نشأ بفضل طريق (بورما) وبفضل احتلال قرى العدو في كل القطاع الواقع شرقي اللطرون.
«ج) إيقاف الضغط على القدس عن طريق إشغال الفيلق في كل القطاع الممتد من الرملة إلى القدس.
«وبصورة عامة ، أخذ زمام المبادرة من يد العدو في هذا القطاع وإلحاق الضرر به وإلغاء تفوقه الطوبوغرافي.» (١)
وحشدت للعملية قوات كبيرة ، من أنواع متعددة ، وعين قائد البلماح ، يغآل ألون قائدا لها ، واتخذ مقر قيادته في قرية يازور المهجورة. وفي ليل ٩ ـ ١٠ تموز / يوليو ١٩٤٨ م ، بدأ التنفيذ على مراحل. ودارت في إطار العملية ، التي استمرت أسبوعا ، معارك ضارية ، دافع فيها الجيش الأردني والمقاتلون الفلسطينيون عن مواقعهم بشجاعة ، وحالوا دون تحقيق أهداف العملية كاملة ، وهي أكبر عملية بادرت إليها القوات الإسرائيلية في ذلك الوقت. ومع ذلك ، احتلت مدينتا اللد والرملة ، وفتح طريق جديد إلى القدس (أشوع ـ كسلة ـ صوبا) ، وتم الاستيلاء على جزء من خط سكة الحديد إلى القدس ، وسقطت قرى كثيرة ، وطرد أهلها منها. إلّا إن القوات الإسرائيلية فشلت في احتلال اللطرون ، ومداخل القدس ، وظل الطريق إليها مقطوعا ،
__________________
(٨١) المصدر نفسه ، ص ٥٨٤ ـ ٥٩٦.