إلى عرفة ، ثم إلى المزدلفة ، ثم إلى منى ، ثم يعود به إلى مكة ، وإذا أراد الزيارة هيّأ له جميع أسباب السفر إلى المدينة ، وهناك سلّمه إلى المزوّر ، الذي هو صاحب هذه المصلحة في المدينة ، لا يتجاوز عليه غيره فيها.
وإذا سأل الحاج عن أي شيء من الفلك إلى الذرّة ، فلا بدّ من أن يجيبه المطوّف عليه ، وإذا احتاج إلى أيّ شيء من الجمل إلى البرغوث ، فلا بدّ من أن يأتيه به ، وإذا وقعت له واقعة مع إنسان تقتضي مراجعة الحكومة ، فعلى المطوف أن يرافق الحاج إلى صاحب الشرطة ، ويترجم له عنده.
ومما يدهش العقل أن المطوّفين والمزوّرين يعرفون جميع لغات العالم ، وأكثرهم يعرفون التركي ، ومطوفو العجم يعرفون الفارسي ، ومطوفو الهند يجيدون لسان الأوردو ، ومطوفو جاوة يعرفون لغة الملايو ، وإن كان أكثر مطوفي جاوة من الجاويين المقيمين بمكة ، ومطوفو البشناق يعرفون لغة الصرب ، ومطوفو الأرناؤوط يعرفون لغة هؤلاء.
وقد بلغني أنّ بعض المطوفين يعرفون لغة الصين ، ومنهم من يعرف لغة الفيلبين ، واللسان التكروري شائع بمكة كأنه العربي ، والسودانيون ليسوا فيها بغرباء ، زد على هذا اللغات الأوربية ، التي يعرفها المطوفون ، من روسي ، وإنكليزي ، وإفرنسي ، وغيرها.
فالمطوفون في هذا أشبه بمستخدمي الفنادق في أوربة ، يضطرون إلى معرفة لغات كثيرة لتنوع أجناس السياح ، الذين ينزلون بفنادقهم ، لكن دائرة علم المطوفين أوسع من جهة الكمية ، فالعمال في فنادق أوربة يتعلّمون بخاصة الإنكليزي مثلا لكثرة سياح الإنكليز والأمريكيين ، وقد يتعلّمون الإسبانيولي لكثرة سياح أمريكة الجنوبية ، ولا تجدهم يعرفون التركي والفارسي والأوردو والملايو ، فما ظنك بالصيني