وتؤنّث مثل الطريق (١)). ولعلّ إهماله ذكرها هنا هو من أجل أنّها سوق محدثة في صدر الإسلام ، ولم تكن في الجاهلية ، وأصله سوق للإبل ، ثم صار محلة عظيمة يسكنها الناس.
قال ياقوت : وبه كانت مفاخرات الشعراء ، ومجالس الخطباء ، وهو الآن بائن عن البصرة ، بينهما نحو ثلاثة أميال ، وكان ما بين ذلك كله عامرا ، وهو الآن خراب.
وعلى كلّ حال أشهر أسواق العرب عكاظ ، ومن محفوظي هذا الشعر للفرزدق (٢) :
نبئت زرعة والسفاهة كاسمها |
|
يهدي إليّ غرائب الأشعار |
فحلفت يا زرع بن عمرو إنني |
|
رجل يشقّ على العدو خباري |
أرأيت يوم عكاظ حين لقيتني |
|
تحت العجاج فما شققت غباري |
أنّا اقتسمنا خطّتينا بيننا |
|
فحملت برة واحتملت فجار |
وللأخ الفاضل المؤرخ ، والشاعر المبدع ، السيد خير الدين الزركلي رأي آخر في مكان عكاظ ، وإليك ما قاله في كتيبه «ما رأيت وما سمعت» الذي ألفه عن رحلته إلى الحجاز : وعلى ذكر طريق السيل أو اليمانية لا أرى أن تفوتني الإشارة إلى أشهر سوق من أسواق العرب ، أعني سوق عكاظ ، لوقوعها في تلك الطريق على مرحلتين من مكة للذاهب إلى الطائف في طريق السيل ، يميل قاصد عكاظ نحو اليمين ،
__________________
(١) في الصفحة التي قبل هذه التذكير والتأنيث في عبارة «صبح الأعشى» ، ولعلّها محرّفة ، وتذكير السوق لغة ضعيفة ، وقيل خطأ.
وأما الطريق فتذكيره لغة أهل نجد ، والتأنيث لغة الحجاز ، وكلاهما فصيح ، وقوله تعالى (فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً) [طه : ٧٧] يوافق اللغتين ، لأنّه وصف بالمصدر يستوي فيه المذكر والمؤنث ، وذهل عن هذا من قال : إنه جاء بلغة نجد.
(٢) [لم أجد الأبيات في «ديوان الفرزدق» طبعة الصاوي].