ومنذ أصبحت إمارة الحجاز بين هذين الفرعين اشتدّ الخلاف بينهما ، كما هو بديهي ، وقد اختلفا في كلّ شيء إلا في شيء واحد ، وهو أنهم جميعا اتفقوا على الاستئثار بأحسن الأراضي ، وأجمل المواقع في ذلك القطر ، ولا سيّما الطائف ونواحيها ، وقد يكون ذلك خيرا للبلاد ، لأنّهم بمكانهم من الإمارة أقدر على العمارة ، والتأثيل من غيرهم.
ففي الطائف المياه كلّها ترفع بالسواني ، وليس في البساتين إلا آبار مركبة على أفواهها الدواليب ، والماء
الجاري من نفسه هناك إنما هو عينان غزيرتان لا غير ، إحداهما عين سلامة ، والأخرى عين المثناة.
فأما عين سلامة ، فهي تخرج في قرية بهذا الاسم ، هي الآن حارة من حارات الطائف ، واقعة على جانب الوادي ، الذي يقال له : وجّ ، قال الهمدانيّ في «صفة جزيرة العرب» : وفي قبلة الطائف حائط أمّ المقتدر ، الذي يدعى سلامة. ا ه. فيظهر أنّه كان لأمّ الخليفة المقتدر هناك بستان يسقى بهذه العين.
وقال ياقوت في «معجمه» : السلامة ـ بلفظ السلامة ضد العطب ـ قرية من قرى الطائف ، بها مسجد للنبي صلىاللهعليهوسلم ، وفي جانبه قبة فيها قبر ابن عباس وجماعة من أولاده ، ومشهد للصحابة رضياللهعنهم.
وقال الشيخ حسن العجيمي المكي في كتابه «إهداء اللطائف» : ومنها قرية السلامة ، وهي كثيرة البيوت والبساتين ، وبها عين ، ولا أعلم متى كان ابتداء عمارتها ، إلا أنّها كانت معمورة في أوائل القرن التاسع ، وبها كان ينزل أعيان مكة وفضلاؤها ، بل غالب أهلها ، ثم خربت في حدود الثمانين ، وتحوّل أهلها عنها ، ولم يبق منهم إلا القليل إلخ.