«صبح الأعشى» نقلا عن «العبر» : وقد افترق بنو سعد هؤلاء في الإسلام ، ولم يبق لهم حيّ فيطرق ، إلا أنّ منهم فرقة بأفريقية من بلاد المغرب ، بنواحي باجة ، يعسكرون مع جند السلطان.
قلت : وقد أصاب هذا التشتت كثيرا من قبائل العرب ، بسبب الفتوحات الإسلامية في صدر الملة ، والرحيل إلى الآفاق ، ففي كاشغر قبائل تركية أصلها من العرب من عهد قتيبة فاتح بلاد الترك ، وفي الطاغستان على شواطىء بحر الخزر بطون كثيرة أصلها عرب من زمن الفتح ، وفي السند والهند أناس كثيرون متحدّرون من أصول عربية ، وفي أفغانستان وفارس أسر كثيرة أصولها عربية ، وفي الأندلس ، وفي جنوبيّ فرنسة ، وفي صقلية ، وعلى شطوط إيطالية أمم أصلها من العرب ، هذا عدا القبائل التي تفرّقت في الأقطار ، والتي هي إلى الآن عربية كالشام ، والجزيرة ، والعراق ، ومصر ، والسودان ، وبرقة ، وطرابلس ، والصحراء الكبرى إلى أواسط أفريقية ، وبحيرة تشاد ، وكذلك تونس ، والجزائر ، والمغرب ، والسوس الأقصى ، إلى تنبكتو ، وأضف إلى هذا بلاد الحبشة ، والصومال ، وزنجبار ، وجزائر القمر ، ومدغشقر ، وموزامبيق ، ولا تجد في أفريقية قطرا إلا فيه أقوام من العرب ، ولا تنس سنغافورة ، وجاوة ، وسومطرة الخ (١).
ومن هوازن بنو عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن.
ومن بني عامر بن صعصعة بنو كلاب ، الذي هاجروا إلى الشام ، وكانت لهم دولة وصولة في حلب.
__________________
(١) العبرة الكبرى في هذا أنّ العرب كانوا في أيّام حياتهم ودولهم يدخلون المصر أو القطر من بلاد الأعاجم ، فيحوّلون أهله إلى دينهم ولغتهم بقوة تأثيرهم في الهداية ، ثم انعكست القضية ، فتحولوا هم إلى لغة بعض الأقطار ، وإلى دين بعض آخر ولغته ، فهل يعتبرون فيعلمون كيف يرجعون؟