ثم إنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم انصرف إلى الجعرانة ، ليقسّم سبي أهل حنين وغنائمهم ، فخافت ثقيف أن يعود إليهم ، فبعثوا إليه وفدهم ، فصالحهم على أن يسلموا ، ويقرّهم على ما في أيديهم من أموالهم وركازهم ، واشترط عليهم أن لا يربوا ، ولا يشربوا الخمر ، وكانوا أصحاب ربا ، وكتب لهم كتابا.
وكانت الطائف تسمّى وجّ ، فلما حصّنت وبني سورها سميت الطائف.
ثم قال البلاذري : حدثني المدائني ، عن أبي إسماعيل الطائفي ، عن أبيه ، عن أشياخ من أهل الطائف ، قال : كان بمخلاف الطائف قوم من اليهود ، طردوا من اليمن ويثرب ، فأقاموا بها للتجارة ، فوضعت عليهم الجزية ، ومن بعضهم ابتاع معاوية أمواله بالطائف.
قالوا : وكانت للعباس بن عبد المطلب رضياللهعنه أرض بالطائف ، وكان الزبيب يحمل منها ، فينبذ في السقاية للحاج ، وكانت لعامة قريش أموال بالطائف يأتونها من مكة ، فيصلحونها ، فلمّا فتحت مكة ، وأسلم أهلها ، طمعت ثقيف فيها ، حتى إذا فتحت الطائف ، أقرّت في أيدي المكيين ، وصارت أرض الطائف مخلافا من مخاليف مكة ، قالوا : وفي يوم الطائف أصيبت عين أبي سفيان بن حرب. ا ه.
قلت : إنّ من عرف أنّ أكثر المؤرخين ينقلون في الفتوح عن البلاذري ، نظرا لقرب روايته من أيام الفتح ، ومتانة أسانيده ، وقارن بين رواية ياقوت الحموي في «معجم البلدان» ورواية البلاذري في «فتوح البلدان» ـ علم أنّ ياقوت إنما أخذ عن البلاذري ، لأنّ العبارة تكاد تكون واحدة ، وقد نقلها البلاذري عن الكلبي ، وإنما تجنّب ياقوت أن يذكر أنّ الأزرق الذي نسبت الأزارقة إليه ـ كان عبدا روميا حدادا ـ لأن ياقوت نفسه كان عبدا روميا ، فحذف من روايته عن البلاذري ما يذكّر الناس بأصله هو.