من المسلمين يمونه ، فشقّ ذلك على أهل الطائف مشقة شديدة ، ولم يؤذن لرسول الله صلىاللهعليهوسلم في فتح الطائف ، واستشار رسول الله صلىاللهعليهوسلم نوفل بن معاوية الديلي فقال : «ما ترى؟» فقال : ثعلب في جحر ، إن أقمت عليه أخذته ، وإن تركته لم يضرّك ، فأمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم عمر بن الخطاب فأذّن في الناس بالرّحيل ، فضجّ النّاس من ذلك ، وقالوا : نرحل ولم يفتح علينا الطائف؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «فاغدوا على القتال» ، فغدوا ، فأصابت المسلمين جراحات ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنّا قافلون إن شاء الله» فسرّوا بذلك ، وأذعنوا ، وجعلوا يرحلون ، ورسول الله صلىاللهعليهوسلم يضحك ، وقال لهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «قولوا : لا إله إلا الله وحده ، صدق وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده» فلما ارتحلوا واستقلوا ، قال : «قولوا : آيبون ، تائبون ، عابدون ، لربنا حامدون» وقيل : يا رسول الله! أدع الله على ثقيف. فقال : «اللهم اهد ثقيفا وائت بهم».
أخبرنا عمرو بن عاصم الكلابي ، أخبرنا أبو الأشهب ، أخبرنا الحسن ، قال : حاصر رسول الله صلىاللهعليهوسلم أهل الطائف ، قال : فرمي رجل من فوق سورها فقتل ، فأتى عمر رضياللهعنه فقال : يا نبيّ الله ادع على ثقيف ، قال : «إنّ الله لم يأذن في ثقيف» قال : فكيف نقاتل في يوم لم يأذن الله فيهم؟ قال : «فارتحلوا» فارتحلوا. ا ه (١).
وقالوا في كتب السير في سبب غزاة الرسول صلىاللهعليهوسلم للطائف : إنّه لمّا حصرته قريش في الشعب ، ومات عمّه أبو طالب الذي كان يحوطه ، وماتت زوجته خديجة ، التي كانت تثبته ، وتقر عينه في الناس ، خرج إلى الطائف من شدة الكرب ، يرجو عند أهلها النّصرة ، لأنّ الله جعل الطائف متنفّسا لأهل مكة.
فلمّا انتهى رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى الطائف ، عمد إلى نفر من ثقيف ،
__________________
(١) [الطبقات (١ : ١٥٩)].