في مجلس ، وهي أنهم يتلفّظون بالضاد والظاء كاللام المفخمة ، فيقولون مثلا : الليف ، في الضيف ، وصلاة اللهر ، في صلاة الظهر ، وقرية الليق في قرية الضيق ، وهلم جرا.
وقد لحظت أنا ذلك ، ولحظه جميع الرفاق ، وقضينا من هذه اللغة العجب ، ولم نسمع هذه اللغة في بلدة الطائف ، ولا في وادي محرم ، ولا في الهدة ، ولا في وادي ليّة ، وإنما سمعناها من الوهيط فصاعدا ، أي في الشفا عند هذيل ، وهذا الحي من ثقيف.
ولما كنت في الصيف الفائت في الأندلس ، سمعتهم يقولون في كل بلدة : الرابال ، يعنون به ضاحية البلدة ، فأردت أن أعرف مأخذها ، فقرأت في كتبهم اللغوية أنّها لفظة عربية محرّفة عن الربض ، ففكرت حينئذ في قلب الضاد لاما عند هذيل ومن جاورهم من ثقيف ، وقلت : من يدري؟ فلعلّ أول من تلفّظ بالربض هناك تلفّظ بها باللام (١) ، فقد كان في غزاة الأندلس كثير من هذيل وثقيف.
وبتنا ليلة واحدة في الفرع ، ولكن لم نقدر أن ننام إلا بعد أن أشعلوا
__________________
(١) مخرج الضاد العربية الفصحى قريب من اللام المفخمة ، فهو بينها وبين مخرج الظاء ، فلهذا تشتبه الضاد تارة بالظاء في نطق أكثر العرب إلى عهدنا هذا ، وتارة باللام المفخمة في نطق هؤلاء الهذليين والثقفيين ، ومثل هذا الاشتباه يكثر في النطق ، ولا سيما نطق الذي يعجل بالكلام فيتلقاه بعض السامعين محرفا فيصير التحريف أصلا متبعا.
وذكر علماء اللغة أنه سمع إبدال اللام من الضاد فقالوا : الطجع أي اضطجع كعكسه في قولهم : رجل جضد أي جلد. وبعد كتابة ما تقدم راجعت مادة ضجع في «التاج» فإذا هو يقول : قال المازني : إن بعض العرب يكره الجمع بين حرفين مطبقين فيقول : الطجع ، ويبدل مكان الضاد أقرب الحروف إليها وهي اللام ، زاد في «اللسان» : وهو شاذ ، وقال الأزهري : وربما ابدلوا اللام ضادا كما أبدلوا الضاد لاما ، قال بعضهم : الطراد واضطراد لطراد الخيل ا ه وأورد شاهد الكلمة الطجع.