سياسية واجتماعية ، ومسائل عمرانية واقتصادية ، ودقائق لغوية وأدبية ، متناولا من القديم والحديث ، ومتنقّلا بين التالد والطريف.
ومن حيث أني كنت أصدرها من وقت إلى آخر في جريدة سيّارة كانت هيئتها أقرب إلى أسلوب الجرائد منها إلى أسلوب الكتب ، لأنّ الكاتب إذا كتب بين أسبوع وآخر متأثّرا بالعوامل المختلفة ، ملاحظا المتجددات اليومية ، مراعيا حالة قرّائه الروحية ـ ذهب به الاستطراد كلّ مذهب ، وشرّدت به شجون القول فشرّق وغرّب ، ولهذا جاء في هذا الكتاب استطراد ليس بيسير من فصل إلى فصل ، وإن كان جميعه مرتبطا بالموضوع ، ومردودا إلى الأصل.
ثم رأيت أنّ إكمال هذا التأليف على الخطة التي انتهجتها أوّلا ـ من نشره رسائل متفرّقة على الأسابيع ـ قد يأخذ وقتا طويلا ، ولا ينتهي بأقّل من سنتين أو ثلاث ، على أنّي صرت مشغولا مستغرقا برحلتي الأندلسية ، التي قد تأخذ مجلّدات عدّة (١) ، ولا يتأتّى لي الاشتغال بغيرها هذه المدة ، فعدلت مؤخّرا عن الطريقة الأولى ، وقطعت رسائل هذه الارتسامات عن «الشورى» ، وانصرفت إلى إكمال هذا التصنيف توّا ، حاثّا مطية القلم إلى غايته ، ماضيا به بلا توقف إلى آخره ، فكان ما نشر منه «الشورى» نحو الثلث ، وما لم ينشر في «الشورى» ولا في جريدة غيرها نحو الثلثين.
هذا ، ولمّا تسنّى إكماله ، وبلغ الإبدار هلاله ، رأيت أن أتوّجه باسم جلالة الملك الهمام ، الذي هو غرّة في جبين الأيام :
«عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود»
ملك الحجاز ونجد وملحقاتها
تذكارا لجميل الأمن الذي مدّ على هذه البلدان سرادقه ، وعرفانا لقدر العدل الذي وطّد فيه دعائمه ، وناط بالإجراء مواثقه ، وابتهاجا
__________________
(١) [وقد نشر منها ثلاثة مجلدات بعنوان «الحلل السندسية»].