في الأعمال ، وكانت لهم زراعة راقية جدا ، وتجارة ممتدة إلى سائر الأقطار وعلاقات اقتصادية مع مصر وفينيقية ، وكان لهم قيام على الملاحة وركوب البحر يعجب به المؤرخون.
وكان السبئيّون سبّاقين في هذه المزايا كلّها ، وكانوا أصحاب يسار وترف. ولكن يظهر أنه لما غزا الرومان تلك البلاد بقيادة كالّوس (Gallus) كان قد بدأ ظهور دولة الحميريين ، وكان قد تقهقر السبئيون. فالقائد كالّوس يذكر أنهم ـ أي الحميريين ـ أصحاب الكلمة العليا في اليمن ، وقد كان هذا في القرنين الأول والثاني قبل المسيح.
ولكنّ السبئيين بحسب ما جاء في تاريخ بلينوس الروماني (Pline) كانوا لا يزالون ذوي سيادة ومكانة ، وكانت بقيت لهم بعض المدن ، وهذا مؤيد بالكتابات المنقوشة على الصخور ، وبآثار العمران ، من أقنية وسدود وصهاريج ، وبأقوال الهمداني صاحب كتاب «الإكليل» و «صفة جزيرة العرب».
وقد ذكر بلينوس الروماني معادن جزيرة العرب ، واستخراج هذه الأمة للذّهب الذي زاد في ثروتها ، وسهل طرق مدنيتها. وأما محصول الطيب فقد كان خاصا بالسبئيّين والمعينيين.
وفي أوائل القرن الثاني قبل المسيح تقدّم الأحباش إلى بلاد سبأ ، وصار أيزاناس يلقّب بملك حمير وسبأ ، ويستدل من الكتابات المنقورة في الصخور أنه من نهاية القرن الثالث إلى الربع الأخير من القرن الرابع للمسيح لم يكن في اليمن ملوك من أهل اليمن أنفسهم ؛ وأنّ الحكم كان قد صار للحبشة ، ولذلك منذ أواخر القرن الرابع لا تكاد تجد ذكرا لسبأ في كتابات اليونان والرومان.
وقد كان سبرنكر منذ نصف قرن لا غير يقول : إنّ مؤخري اليونان وبلينوس الروماني هم الذين نستقي منهم جميع المعلومات عن