والعبدريّ العتيق ، الشيخ عبد القادر الشيبي زعيم بني شيبة سدنة البيت الكريم ، ومقام إبراهيم ، والذين إليهم مفاتيح الكعبة بمحكم الذكر الحكيم ، فإنّ الشيخ الشيبيّ من أعلم النّاس بخطط مكة ، وأهل مكة أدرى بشعابها ، فكيف إذا كانوا من أعرق بيت فيها؟
وأما (المواجن) فالظاهر أنّه يريد بها ما نسميه اليوم بالسبل ، ولكننا لم نجد في متون اللغة المواجن بهذا المعنى ، وإنما (المواجن) جمع (ميجنة) وهي مدقة القصّار ، كما لا يخفى ، نعم يوجد في اللغة (ماء مجّان) أي كاف مستفيض ، ويوجد (مجّان) أي بدون ثمن ، وكلاهما يطابق هذا المعنى ، ولكن على هذا يكون ابن حوقل عدل عن (فعال) إلى (فاعل) ولو أنّ المؤلف ذكرها مرة واحدة في كتابه لكنا نقول : لعلّها من غلط النسخ أو الطبع ، ولكنّها وردت في كلامه مرارا بالجمع (مواجن) وبالمفرد (ماجن) وكلّ ذلك بالنون.
وأما الأزرقيّ أبو الوليد محمد صاحب كتاب «أخبار مكة» (١) فقد أوردها باللام ، فهو يقول عند ذكر العيون التي أجريت إلى الحرم : ومنها : حائط خرمان ، وهو من ثنية إذا خرّ إلى بيوت جعفر العلقمي ، وبيوت ابن أبي الرزام ، وماجله قائم إلى اليوم ، وكان فيه النخل والزرع حديثا من الدهر ، وكانت له عين ومشرع يرده الناس.
ويقول في موضع آخر (٢) : وكانت عيون معاوية تلك قد انقطعت وذهبت ، فأمر أمير المؤمنين الرشيد بعيون منها فصلت وأحييت ، وصرفت في عين واحدة يقال لها : الرشاد ، تسكب في الماجلين ، اللذين أحدهما لأمير المؤمنين الرشيد بالمعلاة ، ثم تسكب في البركة التي عند المسجد الحرام ا ه.
__________________
(١) [أخبار مكة : (١ : ٢٢٩)].
(٢) [أخبار مكة : (٢ : ٢٣١)].