الشقادف ، وكم رأت من راكب وفارس ، وحاف وناعل ، وكم تطهّرت نفوس ، وتهذبت أرواح ، وصفت قلوب ، وزكت أعمال ، وخزيت شياطين ، وحقنت دماء ، وكفكفت دموع ، وصينت أموال ... كل ذلك بسبب هذه الآية الكريمة : (فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً) [آل عمران : ٩٧](١).
أما علم الأمير فهو دائرة معارف ، يتحف قارئه بكل فريدة ، ويطرفه بكل نادرة :
كالبحر يقذف للقريب لآلئا |
|
جودا ، ويبعث للبعيد سحائبا |
كالبدر من حيث التفتّ وجدته |
|
يهدي إلى عينيك نورا ثاقبا |
وما أقرب أسلوبه من أسلوب الجاحظ في استطراداته ، إلا أن الجاحظ يجمع بين الجد والهزل ، والأمير شكيب جادّ جاد.
وهو في هذا الكتاب يجمع بين مباحث جغرافية ، وتاريخية ، واجتماعية ، ومسائل عمرانية ، واقتصادية ، ودقائق لغوية وأدبية.
ففي التاريخ تحدّث فيما تحدث عن تاريخ العمارة عند العرب من بناء مدن وقصور وسدود وقني ، وتحدّث عن مشاهير من بنوا وشادوا ، كالناصر الأموي ، وعبد المؤمن الموحدي ، والمنصور السعدي ، ومولاي إسماعيل سلطان المغرب ، والجواد الأصبهاني ، وعبد الله بن كريز الأموي.
ولم يغفل شهيرات النساء اللائي ساهمن في هذه المكرمات كزبيدة زوج الرشيد.
كما تناول مباحث جغرافية عن الحجاز بعامة ، ومنطقة الطائف بخاصة ، فتحدّث عن التضاريس ، والمناخ ، والمياه ، والثروات
__________________
(١) ص (٨١).