يا دارميّة بالعلياء فالسّند |
|
أقوت وطال عليها سالف الأبد |
والوجه الاخر : أن يكون المعنى على حذف مضاف كأنّه قال : وبخبر الكتاب المنير يعني : القرآن ، فيكون مثل قوله : (وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ)(١) وهذا وجه حسن قريب ، وكان شيخنا زين الدين أبو الحسن المالكيّ الإسكندريّ قد استحسنه حين عرضته عليه والحمد لله.
وأما الآية الأخرى وهي قوله تعالى : (وَغَرابِيبُ سُودٌ) فحسبك به (٢) إشكالا أنّ فحول المفسّرين (٣) أحجموا عن (٤) القول فيه ، وقصّروا عمّا يتمّ الغرض ويوفّيه ، والّذي ظهر لي في ذلك بعد طول تأمّل ، وفرط قلق فيه وتململ ، أنّ الموجب لتقديم الغرابيب هو تناسب الكلم ، وتماثل نسق الألفاظ ، وجريانها على نمط متساوي التّركيب ، وهو معنى قلّما يوجد في غير الكتاب العزيز حسبما تقدّم في قوله تعالى : (فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى). وذلك أنّه لمّا تقدّم ذكر البيض والحمر دون إتباع كان الأليق بحسن النّسق ، وترتيب النّظام أن تكون السّود كذلك ، ولكنّه لما كان في السّود هنا زيادة [٤٣ / ب] الوصف كان الأليق بالمعنى أن تتبع بما يقتضي ذلك وهو الغرابيب فتقابل حظّ اللفظ وحظّ المعنى ، فوفّي الحظّان معا ، وكمل الغرضان (٥) جميعا ، ولم يطّرح أحدهما للآخر ، فيقع النّقص من جهة المطّرح ، وذلك بتقديم الغرابيب
__________________
(١) سورة الصف : ٦.
(٢) في ت وط : منها.
(٣ ـ ٣) ـ في ت : أجدّوا علي.
(٤) في الأصل : الغرض.