الفقه؟ فقال لهم : إني أحفظ وقر (١) جمل من كتب ، فقيل له : هلّا درّستها؟ فقال : ليس للعميان إلّا القرآن. قال : وقال لي صهره أبو الحسن عليّ بن شجاع بن سالم (٢) وكان أيضا ضريرا ، وأخذ القراءة (٣) عنه : أردت مرّة أن أقرأ شيئا من الأصول على ابن الورّاق. فسمع بذلك [٧٥ / آ] فاستدعاني فحضرت بين يديه فأخذ بأذني ثم قال لي : أتقرأ الأصول؟ فقلت : نعم. فمدّ بأذني ثم قال لي : من الفضول أعمى يقرأ الأصول (٤).
وسمعته يقول : دخل القاضي الفاضل (٥) على السّلطان (٦) ، وفي يده كتاب زوّر عليه ، وأراد قتل الّذي زوّره أو قطع يده ، [فاستشار القاضي الفاضل عمّا يجب عليه في ذلك من العقوبة] ، (٧) فقال له : عسى أن تكتب تحت خطّه مثلما كتب لأرى هل يشبه خطّه خطّك؟ فكتب فلمّا فرغ منه قال له : إن كان الأوّل مزوّرا عليكم فهذا غير مزوّر ، يعني خطّه ، فاستحسن السّلطان لطف احتياله ، وعفا عنه وأمضى كتابه.
وقال لي : كان بمصر شاعر هجّاء ، فصنع (٨) قصيدا هجا فيه جميع أهل الخطط في مصر ، وبدأ بالسّلطان ، فبلغ ذلك إليه ، فاستحضر القاضي
__________________
(١) الوقر : الثقل يحمل على ظهر أو على رأس.
(٢) في الأصل : علي بن سلام بن شجاع.
(٣) في ت وط : القراءات.
(٤) الخبر في الذيل والتكملة ٥ ـ ٢ / ٥٤٩ ـ ٥٥٠
(٥) القاضي الفاضل : هو عبد الرحيم بن علي بن محمد بن الحسن اللخمي : قاض حظي عند السلطان صلاح الدين الأيوبي بمنزلة عظيمة ، له رسائل متقنة ، مات سنة ٥٩٦ ه. ترجمته في خريدة القصر قسم مصر ١ / ٣٥ ـ حسن المحاضرة ١ / ٥٦٤ ـ شذرات الذهب ٤ / ٣٢٤.
(٦) المقصود صلاح الدين الأيوبي.
(٧) زيادة من ت.
(٨) في ط : فنظم.