الفاضل فسأله عمّا ينبغي من عقوبته ، وكان الشّعر في يده ، فقال له : انظر إلى هذا الّذي صنع ، فقال له : وما صنع؟ إنّما قال : أنا جائع فأطعموني ، فعفا عنه السّلطان وأمر له بعطاء جزيل (١).
وأملى عليّ حديثا عن شيخه الفقيه القاضي أبي عمران موسى بن زكرياء بن إبراهيم بن محمّد بن صاعد الحصكفيّ (٢) قال : وكان فقيها حنفيّا قاضيا (٣) [بآمد](٤) ، مدرّسا بالمدرسة الدّيلميّة (٥) من المعزّية ، فقلت له : ما المعزّية؟ فقال لي : هي مدينة القاهرة ، بناها المعزّ العبيديّ (٦) ـ لعنه الله ـ وسمّاها بذلك فكان العلماء يتحرّجون من ذكر هذا الاسم ، فينسبونها إليه ، المعزّية. قلت : والتّحرّج في ذكر المعّز أحقّ ، وأرى أن يقال عنها : قاعدة ديار مصر أو مدينتها ، أو قصبتها ، أو نحو ذلك ، ممّا تعرف به وبالله التّوفيق.
وحدّثني إملاء من كتابه قال : قرأت على والدي الفقيه مجد الدّين أبي الحسن ، وكان مفتيا متفنّنا ، نفع الله به في العلم أمّة من النّاس ، وقرأ عليه أيضا فيما قرأه هو على الإمام الحافظ أبي الحسن عليّ بن المفضّل المقدسيّ قال : أنا الإمامان (٧) أبو الطّاهر إسماعيل بن مكيّ بن اسماعيل
__________________
(١) في ط : بجائزة عظيمة.
(٢) نسبة إلى حصن كيفا وهي مدينة من ديار بكر انظر الأنساب ٤ / ١٥٤.
(٣) ليست في ت.
(٤) ليست في الأصل. وآمد : أعظم مدن ديار بكر ، وهو بلد قديم حصين ، ركين مبني من الحجارة السود على نشز دجلة.
(٥) تقع في حي الدّيلم. انظر خطط المقريزي ٢ / ٣٧٨.
(٦) هو معدّ بن إسماعيل بن القائم بن المهدي عبيد الله الفاطمي العبيدي صاحب مصر وإفريقية تولى الحكم سنة ٣٤١ ه. دخل الإسكندرية سنة ٣٦٢ ه. ودخل القاهرة فأصبحت مقرّ ملك الفاطميين إلى آخر أيامهم. توفي سنة ٣٦٥ ه. انظر اتعاظ الحنفا ١٣٤.
(٧) في الأصل : الإمامين وفيها غلط نحوي.