الملّة (١) ، واختلفوا في العمل بها فانخرق إجماعهم سريعا ، لأنّه كان مهلهل النّسج. وعصمة الإجماع شرعيّة لا عقليّة. عمل آل حرب بما ظنّوه من رشادهم ولم يعلموا أنّهم استعملوا في فسادهم ، ثم استعمل مثلهم في ضدّ صنعهم ليتضّح الأمر. ولو صحّ الحكم للأسباب ، لولجوا كلّهم من باب. كان قصدهم واحدا ، فجرت ريح القدر ففرّقت السّفن ، فرمت بعضا (٢) إلى بلاد العدوّ ، وبعضا إلى ساحل من سواحل الإسلام احتاج أهله (٣) الميرة (٤) فأمدّوا بها على رغم الملّاح (٥) : [الخفيف]
ربّ أمر أتاك لا تحمد الفع |
|
ـ عال فيه وتحمد الأفعالا |
«قال الحائط للوتد : لم تشقنّي؟ قال : سل من يدقّني» (٦) ظفر دعيّ آل حرب بالحسين في يوم (٧) عاشوراء ، وفيه أنجى الله موسى من فرعون ، والقضيّتان سواء ليبيّن أنّ كرامة الدّنيا لا يطّرد لها قياس ؛ فلذلك عمّت العدوّ والوليّ ، ليس لها قدر فلم يعط لها حكم. لمّا لم يكن للماء عند وجوده خطر ، سقط عنه حكم الرّبا ، ولمّا جرت الفلوس مجرى العين (٨) ، منع فيها التّفاضل.
__________________
(١) الملّة : الشريعة والدين.
(٢) في ت وط : بعضها.
(٣) في ت وط : أهلها.
(٤) الميرة : الطعام من حبّ وقوت.
(٥) البيت للمتنبي في ديوانه ٣ / ١٣٨.
(٦) المثل في نفح الطيب ٥ / ٢٩٥.
(٧) ليست في ت وط.
(٨) العين : الذهب.